ووقعت هذه الأحداث التي نستقيها من رواية كاتب معاصر، وشاهد عيان، هو عبد الملك بن صاحب الصلاة، مؤرخ الدولة الموحدية (?)، في سنة 554 هـ (1159 م).

بيد أنه لم تمض بضعة أشهر أخرى حتى عاد ابن مردنيش إلى مهاجمة الموحدين، فبعث جيشاً (في أوائل سنة 555 هـ) تحت إمرة قائده وصهره إبراهيم بن هَمُشك، فسار إلى قرطبة واجتاح أراضيها، وانتسف زروعها، ونازلها وقتاً، ثم أقلع عنها، ورتب كمائنه على مقربة منها في قرية تسمى " أطابة "، فخرج الموحدون من قرطبة بقيادة واليها عبد الرحمن بن يكيت لاستطلاع الأحوال، فخرجت عليهم كمائن ابن همشك، وأثخنت فيهم، وقتل ابن يكيت فيمن قتل، وارتد الموحدون إلى المدينة فاعتصموا بها. وسار ابن همشك بعد ذلك في قواته إلى مدينة قَرْمونة، وهي حصن إشبيلية من الشمال الشرقي، فهاجمها، واستولى عليها بمعاونة زعيم من زعمائها يدعى عبد الله بن شراحيل وذلك في شهر ربيع الأول سنة 555 هـ (مارس 1160 م). وامتنع الموحدون الذين بها بقصبتها. ولما وقف السيد أبو يعقوب والي إشبيلية على ذلك، وكان على أهبة السفر لملاقاة والده الخليفة، بادر فأرسل عسكراً إلى قرمونة لإنجاد حاميتها، وانتظر حيناً يرقب الحوادث (?).

وفي خلال ذلك، وعقب إتمام فتح المهدية، وقع في المعسكر الموحدي حادث يتصل بصميم الشئون الموحدية الداخلية، وهو مصرع الوزير محمد ابن عبد السلام الكومي. ويبدو من أقوال ابن صاحب الصلاة، أن عبد المؤمن ندب هذا الوزير لخدمته في شهر شوال سنة 553 هـ، عند خروجه إلى غزو إفريقية وافتتاح المهدية (?). ولكنا قد رأينا مما تقدم، أن هذا الوزير قد لعب وفقاً لرواية ابن عذارى وابن الخطيب (?)، دوراً كبيراً في مصرع الوزير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015