لأنه مستأثر في ظله بالنفوذ والسلطان، ويشاركه في تدبير الأمر وحكم الأندلس، فعاد أبو عثمان وزميله إلى إلبيرة ونشطا إلى بث الدعوة فيها، وحث اليمنية على القيام للأخذ بالثأر، وبثا عمالهما في أنحاء الأندلس يدعون إلى تأييد عبد الرحمن الأموي. وعاد بدر إلى عبد الرحمن على مركب خاصة جهزها أبو عثمان ومعه عدة من أنصار الأموية، وأفضى إليه بنتائج رحلته، فاستبشر عبد الرحمن، وعبر البحر معهم إلى الأندلس، ونزل بساحل إلبيرة في ثغر المُنكَّب صلى الله عليه وسلمlmunecar (?) ، وذلك في ربيع الآخر سنة 138هـ (سبتمبر سنة 755 م)، فاستقبله أبو عثمان وأنزله بمقامه في طرُّش Torrox، وهي قرية تقع غربي المنكب على مقربة من البحر، فاستقر بها ينظم دعوته ويدبر خططه (?).
وكان يوسف بن عبد الرحمن الفهري أثناء ذلك في الشمال يعسكر بجيشه تحت أسوار سرقسطة، وقد استعصم بها عامر العبدري والحباب الزهري. فلما تم له الأمر بالاستيلاء على سرقسطة والقبض على الزعيمين الثائرين وإعدامهما علي نحو ما فصلنا، ارتد بجيشه صوب طليطلة. وبينا هو في الطريق على مقربة منها، إذ أتاه رسول أوفده على جناح السرعة ولده عبد الرحمن بن يوسف، الذي استخلفه على قرطبة، ومعه كتاب ينبؤه فيه بمقدم عبد الرحمن الأموي، وانتشار دعوته في جنوب الأندلس، فذعر يوسف، وذاع النبأ في الجيش، فسرى إليه الخلل، وتسللت العناصر الناقمة، ولم يبق منه سوى فلول يسيرة. فهرول يوسف في بقية جنده إلى طليطلة، ليبحث مع الصميل في خير الوسائل لرد هذا الخطر. وكانت الدعوة الأموية في ذلك الحين قد اجتاحت جنوبي الأندلس، والتف حول عبد الرحمن عدة من زعماء القبائل والجند، منهم تمام بن علقمة اللخمي (?)، وقد أخذ له بيعة جند فلسطين، ويوسف وبن بخت وقد أخذ له بيعة جند الأردن، وجدار بن عمرو المذحجي من زعماء ريُّه، وحسان بن مالك الكلبي من زعماء