الولاة، والظاهر أنه كان عندئذ ينتظم في قيادة الجيش، لما ظهر من فائق شجاعته وبراعته. ثم كان ندبه لولاية مرسية، أو لمعاونة واليها يدِّر في سنة 515 هـ (1121 م) حسبما تقدم. ومن ذلك الحين يلمع اسم يحيى في حوادث شبه الجزيرة لمعاناً شديداً، فهو يقوم بقيادة الجيوش المرابطية في شرقي الأندلس بكفاية وبراعة، وهو يكرر الغزو لأراضي النصارى في أراجون وقطلونية، وقد كان له فيما يبدو دور ملحوظ في مقاومة قوات ألفونسو المحارب حينما اخترق شرقي الأندلس، في غزوته التي قام بها استجابة للنصارى المعاهدين (سنة 519 هـ) ومر فيها بأراضي بلنسية، واجتاز إلى جزيرة شُقْر، وقاتل أهلها أياماً، ثم تحول إلى دانية، واتجه بعد ذلك صوب شاطبة ومرسية. وقاومه المسلمون أينما حل.
ولما توفي يدّر والي بلنسية ومرسية في سنة 524 هـ، كما تقدم، ولّى يحيى علي شرقي الأندلس (?)، بيد أنه كان أكثر انشغالا بشئون الحرب والقيادة، وكان ينيب عنه في حكم بلنسية ومرسية أخاه لأمه، المنصور بن محمد بن الحاج. ولما حاصر ألفونسو المحارب إفراغة، هرع يحيى في قواته لإنجادها، مع من هرع إليها من ولاة الأندلس الآخرين. وقاد يحيى قوات الإنجاد في المعركة التي نشبت تحت أسوار إفراغة بشجاعته، براعته المأثورتين، فكانت الهزيمة الساحقة على النصارى في رمضان سنة 528 هـ (يوليه سنة 1134 م) حسبما فصلنا ذلك في موضعه (?).
ولبث يحيى بن غانية، بعد موقعة إفراغة، والياً على شرقي الأندلس بضعة أعوام أخرى. وتقص علينا الرواية الإسلامية قصة غزوة أخرى، في الأراضي النصرانية، اشترك فيها ابن غانية. وخلاصتها أن القشتاليين ضربوا الحصار بقوات كثيفة، حول حصن " أرنبة " أو أرلبة (?) الواقع شرقي طليطلة، على الحدود بين ولاية قونقة وقشتالة، وكان من أمنع الحصون الإسلامية في تلك المنطقة، وضيق النصارى على حامية الحصن، وقطعوا عنها الأقوات، فنهض والي قرطبة الأمير عبد الله بن أبى بكر، واستمد الأمير تاشفين، واستمد في نفس الوقت يحيى بن غانية والي مرسية وبلنسية، وهرعت القوات المرابطية، من قرطبة ومرسية ومن