بعد أن رآها سمح لهم بالاحتفاظ بها، وتركهم يسيرون إلى حيث شاءوا في أمان، ووجه معهم من رجاله من يشيعهم إلى داخل أعماله، ولم يأخذ منهم سوى مثقال واحد عن كل أحد من الرجال والنساء والأطفال (?).
وتضح الرواية الإسلامية تاريخ تسليم سرقسطة في يوم الأربعاء الثالث من شهر رمضان سنة 512 هـ، وهو يوافق 18 ديسمبر سنة 1118 م (?)، وتضع الرواية النصرانية هذا التاريخ في يوم 11 ديسمبر، أو في 18 ديسمبر (?). ودخل ألفونسو الأرجوني وحلفاؤه المدينة، بعد أن قطع لأهلها المسلمين العهود المذكورة، وسمح لهم مدى فترة قصيرة باستبقاء قاضيهم ابن حفصيل، وبالإحتكام إلى شريعتهم. ولكن مسجد سرقسطة الجامع، حول منذ السادس من يناير سنة 1119 م إلى كنيسة سلمها ألفونسو المحارب إلى الرهبان البرنارديين، وسميت كنيسة لاسيو La Seo أي الكنيسة العظمى. وفي رواية أخرى أن مسجد سرقسطة الجامع لم يحول إلى كنيسة إلا بعد ذلك بثلاثة أعوام في أكتوبر سنة 1121 م، وأنه حول عندئذ إلى كنيسة سميت باسم " سان سالبادور " San Salvador (?) ، وجعلت سرقسطة عاصمة مملكة أراجون، وجعل منها مركز لأسقفية، ومنح سكانها النصارى امتيازات الأشراف، وعن الكونت جاستون دي بيارن " سيدا " للمدينة المفتوحة في ظل ألفونسو، وأقطع الحي الذي كان يقطنه النصارى المعاهدون، وعهد إليه بالإشراف على توزيع الغنائم على الجند الفاتحين، وكوفيء سائر الفرسان الذين عاونوا في الفتح (?).
وهكذا سقطت سرقسطة، بعد أن حكمها المسلمون منذ الفتح أكثر من أربعة قرون، وبعد أن لعبت في تاريخ الثغر الأعلى الأندلسي، أعظم دور، سواء من الناحية العسكرية أو السياسية أو الحضارية.
ولما سقطت الحاضرة الإسلامية، ودخلها النصارى، غادرها معظم أعيانها