خلالها على مدينة قُلُمرية، ثم يتركها عقب افتتاحها. وعلى أي حال، فإنه بعد أن لبثت سرقسطة حيناً دون والٍ، نُدب عبد الله بن مزدلي والى غرناطة ليكون والياً لبلنسية وسرقسطة، وذلك فيما يبدو في أواخر سنة 511 هـ (أواخر 1117 م) (?).
وهنا يحيق الغموض بحركات النصارى وحركات والي سرقسطة الجديد.
ذلك أنه من المسلم به، ومن المتفق عليه في الروايتين العربية والإفرنجية، أن حصار النصارى لسرقسطة بدأ في شهر صفر سنة 512 هـ، الموافق لشهر مايو سنة 1118 م.
ونقول هنا حصار النصارى بصفة عامة، لأن الجيش المحاصر لم يكن مكوناً فقط من الأرجونيين، أعداء سرقسطة الأصليين، بل كان يضم طوائف عديدة أخرى من الفرنج. والواقع أننا نجد أنفسنا في هذا الموطن أمام حملة صليبية حقيقية. ذلك أنه في الوقت الذي كان فيه ملك أراجون ألفونسو المحارب، يوالي الضغط على سرقسطة، ويجد في انتزاع حصونها الأمامية حتى أنه استولى على تطيلة في سنة 1117 م، ووصل في أوائل سنة 1118 م إلى موريلا القريبة منها، كان صدى دعواته وحركاته ضد المسلمين يعمل عمله في الناحية الأخرى من جبال البرنيه، وكانت الحرب الصليبية الأولى، قد انتهت قبل ذلك بعشرين عاماً في الشرق باستيلاء الصليبيين على بيت المقدس (1099 م) وازدادت الروح الصليبية اضطراماً، في فرنسا وفي اسبانيا. ففي سنة 1117 م، عبرت حملة قوية من الفرنج أهل بيارن بقيادة جاستون دي بيارن وأخيه سانتولو - وكانا قد اشتركا بالمشرق في الحرب الصليبية الأولى -، إلى اسبانيا، لتشترك مع الأرجونيين في افتتاح سرقسطة.
وفي العام التالي (1118 م) عقد بمدينة تولوز (تولوشة) مؤتمر من أساقفة آرل، وأوش، ولاسكار، وبنبلونة، وببشتر، وتقرر فيه أن ترسل حملة صليبية أخرى إلى اسبانيا يقودها الكونت دي تولوز، وحشدت فوق ذلك قوات كبيرة من البشكنس، ومن قطلونية، ومن أورقلة تحت إمرة سادة هذه المناطق، وكان بين المقاتلين كثير من الأساقفة ورجال الدين (?). وتنوه الرواية الإسلامية بضخامة هذه الحملات الفرنجية التي اشتركت في حصار سرقسطة وافتتاحها، وتصفها إحدى الروايات بأنها كانت أمماً كالنمل والجراد، أو أنها أقبلت في عدد لا يحصى أكثره من