وابن عذارى قلمورية)، وأثخن في تلك الأنحاء تخريباً وقتلا وسبياً، ولم تستطع قوات الملكة تيريسا ملكة البرتغال يومئذ، أن تقوم بأية أعمال دفاعية ذات شأن، وفر أمامه النصارى في كل مكان، واعتصموا بالمعاقل المنيعة، وأنه على العموم " دوخ بلاد الشرك بجيوش لا تحصى " (?). ويستفاد من أقوال الرواية النصرانية أن علياً وصل بقواته إلى أحواز قلمرية، وبعد أن حاصرها، دخلها عنوة، وذلك في يوم 22 يونيه سنة 1117 م، وهو يوافق يوم 18 صفر سنة 511 هـ (?). ويقول لنا ابن عذارى إن حصار قلمرية استمر عشرين يوماً، ومعنى ذلك أنه بدأ في 2 يونيه الموافق 28 من المحرم، فإذا ذكرنا أن علياً قد عبر إلى الأندلس في أواخر المحرم، وفقاً لرواية ابن عذارى، فإنه تبدو ثمة في التواريخ ثغرة واضحة. وإذن فلا بد أن يكون عبور علي قد وقع في أوائل المحرم، أو أن تكون قلمرية قد سقطت في أيدي المرابطين، بعد التاريخ الذي تحدده الرواية النصرانية، بشهر أو نحوه، وهو ما يفسح لمسير على وغزوته بضعة أسابيع، وهي أقل ما يمكن أن تستغرقه مثل هذه الغزوة.

والظاهر أن علياً لم يحتفظ بقُلُمرية لأية مدة، فقد انصرف عنها عقب افتتاحها إلى إشبيلية حسبما يقول ابن عذارى. ويفسر ذلك موقع قلمرية النائي، وصعوبة الاحتفاظ بها في منطقة يحيط بها النصارى من كل صوب.

وتذكر لنا الرواية الإسلامية نبأ غزوة قام بها في نفس الوقت القائد عبد الله ابن فاطمة، ومنصور بن الأفطس - وهو الذي سبق أن ذكرنا خبر عوده من أراضي النصارى إلى إشبيلية والتجائه إلى حماية أمير المسلمين - في أرض النصارى، وهي غزوة عادا منها إلى إشبيلية مثقلين بالسبي والغنائم الكثيرة (?).

- 6 -

وقضى أمير المسلمين علي بن يوسف، عقب عوده من الأندلس، بحاضرته مراكش، زهاء أربعة أعوام، وفي أوائل سنة 515 هـ (ربيع سنة 1121 م)، عبر إلى شبه الجزيرة مرة أخرى في جيش عظيم من صنهاجة وزناتة ومصمودة وغيرها من قبائل البربر، وقيل أن حشوده لم تبلغ في أية عبور سابق ما بلغته هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015