حادث كان حاسماً في مصير المعركة. ذلك أن الأمير الصبي سانشو ابن ملك قشتالة، ازدلف إلى قلب المعمعة إلى جانب مؤدبه غرسية أردونيث أو الكونت دي قبره، فلم يلبث أن أحاطت بهما ثلة من الفرسان المسلمين، وتوالت عليهما الطعان، فسقط الفتى من فوق جواده، وقد أصابته طعنة قاتلة، وسقط فوقه الكونت دي قبره مدافعاً عنه (?)، فدب الهرج إلى صفوف القشتاليين وكثر القتل بينهم، ولجأ الكثيرون منهم إلى الفرار، وسقط معظم القادة والكونتات قتلى، وارتد ألبا رهانيس في فلول القشتاليين صوب طليطلة، وحاول الكونتات السبعة الذين كانوا يؤلفون حاشية الأمير القتيل، الفرار إلى حصن بلنشون القريب، فلحقت بهم جماعة من المسلمين المدجنين وقتلتهم عن آخرهم، وعرف مكان مصرعهم فيما بعد " بالكونتات السبعة ". وهكذا تمت الهزيمة الساحقة على الجيش القشتالي، وأحرز المسلمون نصرهم الباهر، في ذلك اليوم المشهود.
هكذا كانت أدوار موقعة أقليش الشهيرة، التي أعادت بروعتها، وانتصار المرابطين الساحق فيها، ذكريات موقعة الزلاّقة. وتعرف الموقعة في الرواية النصرانية " بموقعة الكونتات السبعة " نسبة إلى الكونتات السبعة الذين كانوا حاشية لولي عهد قشتالة. وتقدر بعض الروايات الإسلامية خسائر القشتاليين فيها بنيف وثلاثة وعشرين ألفاً (?). وتجاريها في ذلك بعض الروايات النصرانية، فتقدر خسائر القشتاليين بعشرين ألفاً (?). بيد أنه يبدو مما سبق أن ذكرناه عن عدد الجيشين المتحاربين، ومما ذكره الأمير تميم في رسالته عن الموقعة، أن خسائر النصارى لم تكن بهذه النسبة المغرقة، وإن كان مما لا ريب فيه أنها كانت فادحة. ويقول لنا الأمير تميم في رسالته إنه أمر عقب الموقعة بجمع رؤوس القتلى من النصارى، فجمعت الدانية منها، وتركت النائية، فبلغ ما جمع منها أكثر من ثلاثة آلاف رأس، ميزت منها رؤوس غرسية أردونيث (أردونش) أو الكونت دي قبره، وقواد طليطلة، وكدست، وأذن من فوقها المؤذنون وفقاً للتقليد المأثور. واستولى