الذي سوف نتحدث عنه فيما بعد، وهذه الشذور تمتد حتى معركة الأرك في سنة 591 هـ، وحتى وفاة الخليفة يعقوب المنصور في سنة 595 هـ.
ولابن صاحب الصلاة في عرض الحوادث والشئون أسلوب خاص، جزل نوعاً، وإن كان يلجأ أحياناً إلى السجع الركيك، والتنميق المتكلف، وهو يبدو سواء بأسلوبه، أو طريقة عرضه للحوادث، وتقديمه الأشخاص، مؤرخ بلاط أثير، يحرص كل الحرص على الإشادة بسادته وبأعمالهم، يغمرهم خلال حديثه بالألقاب الفخمة، والدعوات الرنانة، ولا يفوته كلما ذكر اسم الموحدين أن يقرنه بقوله " أعزهم الله "، ثم هو يلجأ أحياناً في وصف الخلفاء والأمراء إلى عبارات من المديح المسجع والملق المغرق. بيد أنه مع ذلك لا يحجم في بعض الأحيان، عن النقد، والتنديد بأعمال وتصرفات يراها جديرة بذلك (?).
وقد كان مؤلف كتاب " المن بالإمامة " من أدباء عصره وكتابه. وهو عبد الملك بن محمد بن أحمد بن محمد بن ابراهيم الباجي، ويكنى أبا مروان وأبا محمد، ويعرف بابن صاحب الصلاة وبصاحب التاريخ (?). وهو كما يبدو من اسمه أندلسي من أهل باجة. وفد على إشبيلية مذ نزل بها الموحدون، واتخذوها عاصمة لولاية الأندلس، واتصل بالبلاط الموحدي منذ البداية، وخدم فيه كاتباً وشاعراً، وكان ضمن الوفود التي لقيت الخليفة عبد المؤمن حين زيارته لجبل طارق في سنة 555 هـ (1160 م). وقد عنى، وهو من أهل باجة، وهي المنطقة التي قامت بها ثورة ابن قسيّ وأنصاره المريدين، بأن يؤلف كتاباً عن " ثورة المريدين "، وهوكتاب يشير إليه في غير موضع من " المن بالإمامة " ولكنه لم يصل إلينا. وقد وصفه ابن عبد الملك في " الذيل والتكملة " بقوله: " وكان أديباً محسناً، عنى بحفظ التواريخ وتقييدها، وصنف " تاريخ ثورة المريدين بالأندلس " و" دولة بني عبد المؤمن، ومن أدرك بحياته من بنيه " (?)، ومن الواضح أنه يعني بذلك كتاب " المن بالإمامة ". ولم يقدم لنا أحد ممن تعرض