أنه لا فائدة من الاحتفاظ به، وأنه يقتضي لذلك حامية كبيرة، أخلاه وقوض أسواره وعاد أدراجه، وذلك في سنة 1089 م (482 هـ). وترك أمير المسلمين في شرق الأندلس قوة كبيرة، بقيادة ولده الأمير ابن عائشة، ليقوم بافتتاح مرسية وبلنسية، والقضاء على سلطان " السيد " في تلك المنطقة، وعاد إلى المغرب، وقد تغيرت نفسه على أمراء الأندلس، لما رآه من اختلال أحوالهم، وسوء تصرفاتهم، ووضيع أهوائهم وأطماعهم (?).

وخاض ألفونسو بعد ذلك ضد المسلمين عدة وقائع أخرى، ففكر في الاستيلاء على بلنسية لكي يحرم " السيد " من الاستيلاء عليها، وسار إليها بالفعل وحاصرها في سنة 1092 م (485 هـ)، معتمداً في ذلك على معاونة سفن جنوة وبيزة اللتين عقد معهما حلفاً لهذا الغرض، ولكنه فشل في مشروعه، وأرغم على ترك الحصار حينما عاث السيد في أراضي قشتالة. ثم استولى السيد بعد ذلك على بلنسية (1094 م)، ولم يمض سوى قليل حتى سار المرابطون لإنقاذها وضربوا حولها الحصار، وسار جيش مرابطي آخر إلى أحواز طليطلة وعاث فيها وهزم القشتاليين، وسار جيش ثالث إلى قونقة وهزم قوات ألفونسو التي يقودها ألبارهانيس. في خلال هذه الوقائع التي رجحت فيها كفة المرابطين على قوات ألفونسو السادس، توفي " السيد " خلال حصار بلنسية، واستغاثت زوجه خمينا بألفونسو، فسار إلى بلنسية ودخلها في مارس سنة 1102، ولم يعترض المرابطون سبيله استعداداً للموقعة الحاسمة. ولكنه لما رأى ضخامة الجيوش المرابطية، خشى العاقبة، وغادر بلنسية مع خمينا وسائر القوات النصرانية، ودخلها المرابطون في شهر مايو سنة 1102 م (495 هـ)، كل ذلك حسبما فصلناه من قبل في أخبار مملكة بلنسية.

وسار ألفونسو في قواته إلى مدينة شنترين من أعمال ولاية الغرب واستولى عليها سنة 1093 م (486 هـ). وقد وقع ذلك فيما يبدو خلال غزو المرابطين لمملكة بطليوس، التي كانت شنترين من أعمالها، ونحن نعرف أن بطليوس سقطت في أيدي المرابطين في صفر سنة 487 هـ (مارس 1094 م).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015