ورد ملك قشتالة على ذلك بالقيام بغزوة جديدة لأراضي الأندلس. ففي سنة 489 هـ (1096 م) حشد ألفونسو السادس حملة ضخمة، وسار نحو قرطبة، فلما علم أن المرابطين هناك على أهبة شديدة لمدافعته، تحول عنها وسار إلى قرمونة وهي حصن إشبيلية الشرقي، فهاجمها واقتحم بسائطها فيما بينها وبين إستجة، واستولى على غنائم وفيرة وسبى جموعاً عظيمة، ثم اتجه صوب إشبيلية، وعاث في بسائطها، فامتنع أهل إشبيلية بمدينتهم ولم يخرجوا إلى قتاله حسبما كان يتوقع، فلما يئس من الاشتباك مع المسلمين، سارا في قواته وغنائمه صوب بطليوس ثم جاز إلى أراضي قشتالة عائداً إلى قواعده (?).

- 4 -

لبث أمير المسلمين يوسف بن تاشفين حيناً في سبتة، يعني بإمداد جيوشه الغازية في شبه الجزيرة، ويتلقى أنباء الفتوح المتوالية لقواعد الأندلس، ثم غادرها إلى مراكش، بعد أن اطمأن إلى نتائج أعمال البعوث والحملات المختلفة، وعهد بشئون الأندلس، إلى كبير قادته الأمير سير بن أبى بكر اللمتوني.

ولم يعد يوسف إلى شبه الجزيرة إلا بعد ذلك بعدة أعوام في سنة 496 هـ (1102 م) حيث جاز إليها جوازه الرابع. وفي رواية أخرى أن هذا الجواز الرابع وقع في سنة 1097 م (491 هـ) (?) وفي رواية ثالثة، وهي رواية ابن عذارى أنه وقع في سنة 490 هـ (1096 م). وكانت ممالك الطوائف كلها قد سقطت يومئذ في أيدي المرابطين، ما عدا سرقسطة، التي استولى عليها المرابطون بعد ذلك بأعوام قلائل، وآلت اسبانيا المسلمة كلها بذلك إلى سلطان البربر وغدت ولاية مغربية، وانهار سلطان العصبيات والأسر الأندلسية إلى حين، وتوارت العناصر والزعامات المتغلبة، لكي تظهر فيما بعد، وتضطلع ضد المرابطين بمختلف الحركات والثورات القومية الأندلسية.

واتخذ جواز أمير المسلمين هذه المرة طابع الجهاد من جديد، فجهز جيشاً قوياً من المرابطين والأندلسيين بقيادة محمد بن الحاج. وسار هذا الجيش صوب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015