وأما الرواية الإسلامية فهي ضنينة في هذا الموطن كل الضن كما أسلفنا. ويمر معظم المؤرخين المسلمين على تلك الحوادث العظيمة، بالصمت أو الإشارة الموجزة كما سنرى. غير أن المؤرخ الإسباني كوندي يقدم إلينا خلاصة من أقوال ينسبها الى الرواية الأندلسية المسلمة (?)، عن غزو فرنسا وعن موقعة تور؛ ونحن ننقلها مترجمة فيما يلى:

" لما علم الفرنج وسكان بلاد الحدود الإسبانية بمقتل عثمان بن أبي نسعة، وسمعوا بضخامة الجيش الإسلامي الذي سير إليهم، استعدوا للدفاع جهدهم، وكتبوا إلى جيرانهم يلتمسون الغوث. وجمع الكونت وسيد هذه الأنحاء (يريد أودو) قواته وسار للقاء العرب، ووقعت بينهم معارك سجال. ولكن النصر كان إلى جانب عبد الرحمن بوجه عام، فاستولى تباعاً على كل مدن الكونت. وكان جنده قد نفخ فيهم حسن طالعهم المستمر، فلم يكونوا يرغبون إلا في خوض المعارك، واثقين كل الثقة في شجاعة قائدهم وبراعته.

" وعبر المسلمون نهر الجارون، وأحرقوا كل المدن الواقعة على ضفافه، وخربوا جميع الضياع، وسبوا جموعاً لا تحصى، وانقض هذا الجيش على البلاد كالعاصفة المخربة فاجتاحها، وأذكى اضطرام الجند، نجاح غزواتهم، واستمرار ظفرهم وما أصابوا من الغنائم.

" ولما عبر عبد الرحمن نهر الجارون اعترضه أمير هذه الأنحاء، ولكنه هزمه ففر أمامه وامتنع بمدينته. فحاصرها المسلمون ولم يلبثوا أن اقتحموها، وسحقوا بسيوفهم الماحقة كل شىء. ومات الكونت مدافعاً عن مدينته، واحتز الغزاة رأسه (?). ثم ساروا مثقلين بالغنائم في طلب انتصارات أخرى، وارتجت بلاد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015