الحديث الغريب

وهو أكثر أقسام الآحاد، وهو ما ينفرد بروايته راو واحد، وبعض العلماء يطلق عليه الفرد.

والغريب في اللغة هو: الفرد والوحيد، فالإنسان الغريب هو الوحيد والفرد.

وهو إما أن تكون غرابته مطلقة أو نسبية، وكذلك الفرد إما أن يكون فرداً مطلقاً أو نسبياً.

فالغرابة المطلقة هي: أن يحصل التفرد في أصل السند -أي: طبقة الصحابة- فلا يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا صحابي واحد.

والغرابة النسبية هي: أن تكون في أثناء السند لا في أصله، وذلك مثل حديث: مالك عن الزهري عن أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر).

والمغفر هو الخوذة.

فهذا الحديث تفرد به مالك عن الزهري، أي: لم يروه عن الزهري غير مالك، وهذا التفرد في طبقة أتباع التابعين.

والغريب النسبي أو الفرد النسبي له أنواع كثيرة، فقد تكون هذه الغرابة بالنسبة إلى شخص معين، أو إلى صفة معينة، ففي الحديث السابق حديث مالك عن الزهري عن أنس حصل التفرد في طبقة مالك؛ لأن مالكاً هو الوحيد الذي روى عن الزهري هذا الحديث، ولو روى مع مالك عشرة عن الزهري هذا الحديث، ولكن العشرة ضعاف ومالك هو الثقة فقط فنقول: إن هذا الحديث غريب غرابة نسبية، ولا نقصد الغرابة العددية وإنما الغرابة بالنسبة إلى صفة، فهو لم يروه ثقة عن الزهري إلا مالك.

وقد تكون الغرابة عن أهل بلد بأكمله، كأن يكون الحديث لا يروى إلا عن المدنيين كما في صحيح مسلم تجد أن بعض الأسانيد رواتها كلهم مدنيون أو كوفيون أو بصريون أو غير ذلك.

وعندما نقول: إن هذا الحديث أصله مدني، أي: إن أول طبقة فيه مدنيون، فأصل السند -أي: الصحابة الذين رووا هذا الحديث- مدنيون، فإذا أخذه في الطبقة الثانية أهل مكة، وفي الطبقة الثالثة أهل بغداد، وفي الطبقة الرابعة أهل مصر فنقول أيضاً: إن هذا الحديث حديث غريب؛ لتفرد أهل مصر عن أهل بغداد، ولتفرد أهل بغداد عن أهل مكة، ولتفرد أهل مكة عن أهل المدينة.

فالتفرد إما أن يكون تفرد ثقة عن راو، أو تفرد راو معيّن عن راو معيّن، أو تفرد أهل بلد أو أهل جهة بحديث وحدهم، أو تفرد أهل بلد أو أهل جهة عن أهل بلد آخر أو أهل جهة أخرى.

والغرابة إما أن تلحق السند والمتن وإما أن تلحق المتن فقط، وهذا الكلام لا يُعلم إلا بالممارسة العملية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015