درجات التدليس والتمييز بينها

والمدلس إذا حذف الراوي تماماً فهذا يسمى تدليس التسوية، وأما تدليس الإسناد فليس فيه إسقاط، وإنما فيه أن المدلس سمع من المدلَّس عنه عدة أحاديث، ولكن هذا الحديث بعينه لم يسمعه منه، ولكنه يعلم أن هذا الحديث من محفوظات أو مسموعات الشيخ، فيرويه عن ذلك الشيخ الذي هو شيخه في الأصل لا بصيغة السماع، وإنما بصيغة تحتمل السماع كقال وعن.

وتدليس التسوية ليس له علاقة بشيخه أبداً، وإنما بشيخ شيخه ومن علا.

وتدليس الشيوخ أخف من تدليس التسوية وتدليس الإسناد، وفيه تضييع للمروي عنه، وتوعير لطريق معرفة حاله، وتختلف الحال في كراهته، لسبب الغرض الحامل عليه، فهو مكروه، ولكن الكراهة تختلف بحسب الغرض الحامل للمدلّس على تدليس الشيوخ، فقد يحمله على ذلك كون شيخه الذي غيّر اسمه غير ثقة فيلقبه، وهذا أشد كراهة، أو أنه أصغر من الراوي عنه، أو متأخر الوفاة وقد شاركه في السماع منه جماعة دونه، أو كونه كثير الرواية عنه فلا يحب تكراره على صورة واحدة.

وتفنن في هذا النوع أبو بكر الخطيب البغدادي، وكذلك ابن الجوزي.

يقول ابن الصلاح في النوع الثاني والأربعين: والخطيب الحافظ يروي في كتبه عن أبي القاسم الأزهري، وعن عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي، وعن عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي، والجميع شخص واحد من مشايخه.

وكذلك يروي عن الحسن بن محمد الخلال وعن الحسن بن أبي طالب وعن أبي محمد الخلال، والجميع شخص واحد.

ويروي أيضاً عن أبي القاسم التنوخي وعن علي بن المحسن وعن القاضي أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي وعن علي بن أبي علي المعدل، والجميع شخص واحد، وله من ذلك الكثير.

وهو أمر غير مستحسن؛ لما فيه من صعوبة معرفة الشيخ على من لم يعرفه، وقد لا يفطن له الناظر فيحكم بجهالته.

فالباحث الذي ينظر في الإسناد قد لا يتفطن لهذا النوع من أنواع التدليس فيحكم بأن هذا الراوي مجهول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015