الانصراف، وحببّت إليه الرّضا من الغنيمة بالإياب. ولكامل هذا شعر بدوي وصيت له بين [1] الشّعراء دويّ. فما علق بحفظي من مترنّماته قوله من قصيدة أولها:
إنسانة الحيّ أم أدمانة السّمر ... بالنّهي، رقّصها لحن من الوتر «1» ؟
(بسيط)
يا ما أميلح غزلانا شدنّ لنا ... من هؤليّائكنّ [2] الضّال والسّمر «2»
بالله ياظبيات القاع قلن لنا: ... ليلاي منكنّ أم ليلى من البشر؟
قلت: الإيهام في الشّعر صنعة لا يتوصّل إليها الحضريّون إلّا بتعريق جبين الخاطر، وبعثرة دفين الضّمائر [3] . وقد أخذ هذا البدويّ من عفو خاطره نوعا من الايهام تنبو عنه صوارم الأفهام، وذلك قوله:
بالنّهي رقّصها لحن من الوتر
فانّ لحن الوتر الذي يضربه اللاهي للإنس مرقّص، ولحن الوتر الذي ينزعه الرّامي للوحش مقمّص «3» . وما أشبه ذلك التّرقيص بهذا [4] التّقميص!