وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ خَفَّضَ مِنْ صَوْتِهِ فِي حَالِ الْكَثْرَةِ فِيمَا تَكَلَّمَ فِيهِ فَخَفَّضَ بَعْدَ طُولِ الْكَلَامِ وَالتَّعَبِ لِيَسْتَرِيحَ ثُمَّ رَفَعَ لِيَبْلُغَ صَوْتُهُ كُلَّ أَحَدٍ.

(غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ) مَعْنَى الْحَدِيثِ فِيهِ أَوْجُهٌ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ مِنْ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ وَتَقْدِيرُهُ: غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ مُخُوفَاتِي عَلَيْكُمْ، وَمِنْهُ قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلُّونَ» (?)، ومَعْنَاهُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي أَخَافُهَا عَلَى أُمَّتِي أَحَقُّهَا بِأَنْ تُخَافَ الْأَئِمَّةُ الْمُضِلُّونَ.

وَالثَّانِي: بِأَنْ يَكُونَ أَخْوَفُ مِنْ أَخَافَ بِمَعْنَى خَوْفٍ وَمَعْنَاهُ غَيْرُ الدَّجَّالِ أَشَدُّ مُوجِبَاتِ خَوْفِي عَلَيْكُمْ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ وَصْفِ الْمَعَانِي بِمَا يُوصَفُ بِهِ الْأَعْيَانُ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ كَقَوْلِهِمْ فِي الشِّعْرِ الْفَصِيحِ شِعْرُ شَاعِرٍ، وَخَوْفُ فُلَانٍ أَخْوَفُ مِنْ خَوْفِكَ، وَتَقْدِيرُهُ خَوْفُ غَيْرِ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ خَوْفِي عَلَيْكُمْ.

(إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطُ) - بِفَتْحِ الْقَافِ وَالطَّاءِ - أَيْ شَدِيدُ جُعُودَةِ الشَّعْرِ.

(إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ) خَلَّةً: مَا بَيْنَ البلدين، أي ِالطَّرِيقِ بَيْنَهُمَا.

(فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا) الْعَيْثُ الْفَسَادُ، أَوْ أَشَدُّ الْفَسَادِ وَالْإِسْرَاعِ فِيهِ يُقَالُ مِنْهُ عَاثَ يَعِيثُ.

(يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ) قَالَ الْعُلَمَاءُ: هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَهَذِهِ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ طَوِيلَةٌ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015