وإن خطبة الجمعة تتميز بمزايا، وتختص بخصائص لا تتوفر في أي نوع من أنواع الخطب الأخرى، حيث إنها تمثل شعيرة من شعائر الإسلام، وتتم في جو مهيب خاشع تتهيأ فيه النفوس للتلقي والاستماع، ويشعر المسلم فيه أنه في صلاة وطاعة لله - عز وجل -، كما أنها تتميز بوجوب الإنصات إلى الخطيب، وعدم التشاغل عنه، مما يفردها عن سائر الخطب، والمحاضرات، والندوات التي لا ينطبق عليها الحكم الشرعي نفسه.
وتتميز خطبة الجمعة أيضًا بالاستمرارية والتكرار في كل أسبوع، ففي العام الواحد يستمع المصلي لاثنتين وخمسين خطبة، وهذا يمثل مساقًا دراسيًا متكاملًا، فإذا أحسِن إعداده كانت آثاره جليلة، وثمراته عظيمة.
وتتميز خطبة الجمعة إلى جانب ذلك بتنوع الحاضرين إليها، وباختلاف مستوياتهم وطبقاتهم العلمية، والاجتماعية، فإن الخطيب في خطبة الجمعة يخاطب جميع فئات المجتمع، وهذا التنوع يعني تذليل العقبات التي تحول دون تنفيذ طرائق الإصلاح الاجتماعية، فإن العامل وصاحب العمل، والطالب والمعلم، والموظف والرئيس كلهم يخاطَبون في آنٍ واحد، ويوضعون أمام مسؤولياتهم، فلا تخاطَب فئة منهم في غياب الفئة الأخرى، ولا تحمل المسئولية على فئة منهم دون الأخرى». (?)
وهذا الكتاب (دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ) محاولة لإعداد موضوعات متكاملة يستفيد منها الخطيب وغيره في إعداد خطبة الجمعة وغيرها من المواعظ. وقد جمعتها من كتب أهل العلم، ومن مواقع الخطب على الشبكة العنكبوتية مع تعديلها بالحذف أو الإضافة بما يناسب منهج الكتاب.
وتشتمل هذه الموضوعات على أدلة من الكتاب والسنة الصحيحة مع ما تيسر من الآثار والقصص والأشعار، مع الحرص على تجنب الأحاديث الضعيفة والموضوعة؛ حيث إن في الصحيح ما يُغني عن الضعيف.