الخشية لا على الحقيقة (فقال: لا تقتله) لجريان الأحكام الشرعية على مقتضى الظاهر (فقلت: يا رسول الله قطع إحدى يدي ثم قال ذلك) متعوذاً به من القتل (بعد ما قطعها فقال: لا تقتله) ثم قال مبيناً حكمه إن قتل القائل الكلمة المذكورة (فإن قتلته) أي بعد نطقه بذلك (فإنه) بعد الإتيان بكلمة الشهادة (بمنزلتك) من عصمة الدم والحكم بإسلامه (قبل أن تقتله وإنك بمنزلته) في إهدار الدم (قبل أن يقول كلمته التي قال) بحذف العائد: أي قالها: أي فتصير غير معصوم الدم ولا يحرم القتل بعد قتلك له. قال ابن القصار: يعني لولا عذرك بالتأويل المسقط للقصاص عنك وما
فسرت به الحديث تبعاً للمصنف كما يأتي هو ما قاله الإمام الشافعي وابن القصار المالكي وغيرهما. وقال المصنف: إنه أحسن ما قيل فيه وأظهره، وقيل إنه بمنزلته في إخفاء الإيمان: أي إنه ممن كان يخفي إيمانه بين الكفار وأخرج مكرهاً كما كنت أنت بمكة إذ كنت تخفي إيمانك قال القرطبي: ويعضد هذا التأويل بما زاده البخاري في هذا الحديث من أنه عليه الصلاة والسلام قال للمقداد، إذا كان مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار فأظهر إيمانه تقتله؟ كذلك كنت تخفي إيمانك بمكة اهـ. وقال القاضي: وقيل معناه: إنك مثله في مخالفة الحق وارتكاب الإثم، وإن اختلفت أنواع المخالفة والإثم فيسمى إثمه كفراً وإثمك معصية وفسقاً. قال القرطبي: قوله «وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال» ظاهر في الكفر، وليس ذلك بصحيح لأنه إنما قتله متأولاً بقاءه على كفره ولا يكون كبيرة، وإذا لم يكن كبيرة لم يصح لأحد، وإن كان ممن يكفر بالكبائر أن يقول هذا كفر بوجه، فدل ذلك على أنه متأول (متفق عليه) أخرجه البخاري في المغازي، ومسلم في الإيمان، ورواه أبو داود في الجهاد والنسائي في السير (ومعنى إنه بمنزلتك: أي معصوم الدم محكوم بإسلامه، ومعنى إنك بمنزلته: أي مباح الدم بالقصاص لورثته، لا أنه بمنزلته في الكفر، والله أعلم) أي بما تقدم عن القرطبي من تأويله وعدم قصد المعصية.