قلنا بلى، قال: فإن دماءكم) الفاء فيه فصيحة: أي: فإذا علمتم ما ذكر فتيقظوا إلى حرم أخرى هي أعظم منها وهي الدماء وما

بعدها، وتقدم أن وجه التشبيه مع أنها في الحرمة أفضل من المشبه به كون المشبه به أشهر، وتشبيه ما لم يشتهر وإن كان أفضل بما اشتهر وإن كان مفضولاً واقع جعل منه قوله صلّ على محمد كما صليت على إبراهيم، ولاحتياج المقام إلى التأكيد زاد فيه فأتى بإن المفيدة له وبدأ بالدماء، مع أن الأعراض أخطر لأن الابتلاء بها أكثر وخطرها أكبر، ومن ثم كان أكبر الكبائر بعد الشرك القتل على الأصح (وأموالكم) قدمها على الأعراض لأن ابتلاء الناس بالجناية فيها أكثر (وأعراضكم) قال في «فتح الإله» المراد منه تحريم التعرض للإنسان بما يعير أو ينقص به في نفسه أو أحد من أقاربه، بل يحلق به كل من له به علقة بحيث يئول تنقيصه أو تعييره إليه، وهذا أعم من قول النهاية: العرض موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو في سلفه اهـ ملخصاً (عليكم حرام كحرمة يومكُمْ هذا) أي: المعصية فيه حال كون اليوم على جهة التجوز (في بلدكم هذا) وحرمة المعصية بها عظيمة إجماعاً إنما اختلف في تضاعفها كالحسنات وعدمه والراجح عدمه كما لاكيفا كما يدل عليه عموم قوله تعالى:

{ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها} (الأنعام: 160) ولا مخصص له (في شهركم هذا) وهو لعظم شرفه تعظم المعصية فيه (وستلقون ربكم) في الدار الآخرة ناظرين إليه على وجه منزه من الحلول والاتحاد والجهة والتحيز والإحاطة بالذات الأعلى (فيسألكم عن أموالكم) وفي نسخة «أعمالكم، والنار عن شمائلكم والجنة عن أيمانكم، والموازين قد نصبت، والصراط قد نصب على متن جهنم، والرسل شعارهم يومئذٍ سلم سلم/ والشهود الجوارح والحاكم الأعظم قد تجلى وغضب غضباً لم يغضب قبله ولا بعده مثله» (ألا) أداة استفتاح فلما حذرتم وبين لكم (لا ترجعوا) أي: لا تصيروا (بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض) تقدم الكلام عليه في الثالث من أحاديث الباب (ألا ليبلغ) بتشديد اللام وتخفيفها والتبليغ واجب عيناً على من انحصر فيه وإلا فكفاية (الشاهد منكم) لما قلته العالم به سماعاً أو رواية (الغائب) عنه بأن لم يحصل علمه (فلعل بعض من يبلغه) بالبناء للمجهول ونائب فاعله الضمير المستتر والبارز مفعول له

طور بواسطة نورين ميديا © 2015