قال الله تعالى (?) : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ (46) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47) لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ) .
وَقَالَ تَعَالَى (?) : (يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(قال الله تعالى: إن المتقين في جنات) أي: بساتين (وعيون) أي: أنهار (أدخلوها) أي: يقال لهم أدخلوها (بسلام) أي: من الآفات وقيل: مسلماً عليكم (آمنين) من المكاره (ونزعنا ما في صدورهم من غل) حسد وحقد (إخواناً) في المودة وهو حال (على سرر متقابلين) أي: متواجهين وهما صفتان أو حالان (لا يمسهم فيها نصب) أي: تعب (وما هم منها بمخرجين) الباء مزيدة لتأكيد نفي إخراجهم منها المدلول عليه بالجملة.
(وقال تعالى يا عباد) حكاية لما ينادي به الصتحابون المتقون (لا خوف عليكم اليوم) أي: مما تقدمون عليه من أمر الآخرة (ولا أنتم تحزنون) على ما خلفتموه من أمر الدنيا (الذين) منصوب على المدح (آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين أدخلوا الجنة أنتم وأزواجكم) أي: المؤمنات (تحبرون) أي: تسرون (يطاف عليهم بصحاف) جمع صحفة (من ذهب وأكواب) جمع كوب وهو كوز لا عروة له (وفيها) أي: الجنة (ما تشتهيه الأنفس) قال البيضاوي في تفسير سورة الفرقان: لعله تقصر همم كل طائفة على ما يليق برتبته، إذ الظاهر أن الناقص لا يدرك شأو الكامل بالتشهي (وتلذ الأعين) بمشاهدته وكأنه لم يعتد بمستلذات السمع والشم والذوق في جنب مستلذات العين فلم يذكرها (وأنتم فيها خالدون) فهو من أتم النعيم (وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) الجنة إما خبر، والتي أورثتموها صفة لها أو صفة والتي خبرها أو هما صفتان والظرف خبر ولا تنافي كما سبق بين هذه الآية وما سبق من حديث "لن يدخل أحدكم الجنة بعمله" الحديث لما تقدم من أن دخولها بمجرد الرحمة وتفاوت المنازل بتفاوت الأعمال، أو أن التوفيق للعمل المسبب عنه دخولها من رحمة الله ومنته (لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون) يبقى بعضها أبداً لا يجد شجرة عريانة من الثمر