مذهب الجمهور، ولكن لا يصح عندهم التوكل مع الالتفات والطمأنينة إلى الأسباب، بل فعل الأسباب سنة الله وحكمته والثقة بأنها لا تجلب نفعاً ولا تدفع ضرّاً والكل منالله، هذا كلام القاضي. وقال القشيري: اعلم أن التوكل محله القلب وأما الحركة بالظاهر فلا تنافي توكل القلب بعد ما تحقق العبد أن التقدير من فعل الله عزّ وجلّ، فإن تعسر شيء فبتقديره، وإن تيسر شيء فبتيسيره. وقال سهلبن عبد الله التوكل في الاسترسال مع الله على ما يريد. وقال أبو عثمان الحيري: التوكل الاكتفاء با تعالى مع الاعتماد عليه اهـ.
(قال الله تعالى: {ولما رأى المؤمنون الأحزاب} ) من الكفار ( {قالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله} ) من الابتلاء والنصر ( {وصدق الله ورسوله} ) في الوعد ( {وما زادهم} ) ذلك ( {إلا إيماناً} ) تصديقاً بوعد الله ( {وتسليماً} ) لأمره.
(وقال تعالى: {الذين} ) بدل من الذين قبله أو نعت له ( {قال لهم الناس} ) أي: نعيمبن مسعود الأشجعي ( {إن الناس} ) أبا سفيان وأصحابه ( {قد جمعوا لكم} ) الجموع ليستأصلوكم ( {فاخشوهم} ) ولا تأتوهم ( {فزادهم} ) ذلك القول ( {إيماناً} ) تصديقاً با ويقيناً ( {وقالوا: حسبنا ا} ) كافنا أمرهم ( {ونعم الوكيل} ) المفوض إليه الأمر هو، وخرجوا مع النبيّ فوافوا سوق بدر الذي كان واعد النبيّ كفار قريش يوم أحد عليه، وألقى الله الرعب في قلب أبي سفيان وأصحابه فلم يأتوا، وكان مع الصحابة تجارات فباعوا وربحوا، قال تعالى: ( {فانقلبوا} ) رجعوا من بدر ( {بنعمة من الله وفضل} ) بسلامة وربح ( {لم يمسهم سوء} ) من قتل أو جرح ( {واتبعوا رضوان ا} ) بطاعته وطاعة رسوله في الخروج ( {وا ذو فضل عظيم} ) على أهل طاعته، وقد بسطت الكلام في هذه الآية في كتاب الجهاد من «شرح الأذكار» .