النَّاسَ، فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى إنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ؛ لا تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كلأً، فَذلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ في دِينِ اللهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذلِكَ رَأسَاً، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ". متفقٌ عَلَيْهِ (?) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي: بسببها (الناس فشربوا منها وسقوا مواشيهم وزرعوا) كذا عند البخاري، والذي في جميع نسخ مسلم: ورعوا، بالراء من الرعي، قال المصنف: وكلاهما صحيح (وأصاب طائفة منها أخرى) وصفها بذلك دون ما قبلها كأنها لسلب الانتفاع منها رأساً جنس آخر (إنما هي قيعان) الأصل قوعان، فأبدلت الواو ياء؛ لسكونها وانكسار ما قبلها (لا تمسك ماء) ؛ لكونها رملاً (ولا تنبت كلأ) لذلك (فذلك مثل من فقه) بضم القاف، على المشهور وقيل: بكسرها، وقد روي بالوجهين، والمشهور الضم قاله المصنف (في دين الله) أي: صار عالماً بالشرعيات (ونفعه ما بعثني الله به) أي: من الشريعة الغراء (فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به) قال المصنف معنى الحديث أن الأرض ثلاثة أنواع وكذا الناس، فالأول من الأرض ينتفع بالمطر فيحيى بعد أن كان ميتاً وينبت الكلأ فينتفع به الناس والدواب بالشرب والرعي والزرع وغيرها وكذا النوع الأول من الناس يبلغه الهدى والعلم فيحفظه فيحيي به قلبه ويعمل به ويعلمه غيره فينتفع وينفع.
والثاني من الأرض لا تقبل الانتفاع في نفسها لكن فيها فائدة وهي إمساك الماء لغيرها فينتفع به الناس والدواب، وكذا النوع الثاني من الناس لهم قلوب واعية لكن ليست لهم أفهام ولا رسوخ لهم في العلم يستنبطون به المعاني والأحكام، ولا اجتهاد عندهم في الطاعة فهم يحفظونه حتى يأتي طالب متعطش لما عندهم فينتفع به فهؤلاء نفعوا بما بلغهم.
والثالث من الأرض السباخ التي لا تنبت ونحوها فهي لا تنتفع بالماء ولا تمسكه لينتفع به غيرها، وكذا الثالث من الناس لا قلب له حافظ ولا فهم واعي فإذا سمع العلم لا ينتفع به ولا يحفظه لينفع غيره اهـ من شرح مسلم للمصنف ملخصاً (متفق عليه) وقد سبق مشروحاً في باب الأمر بالمحافظة على السنة.