فضل نبينا الأفضل من آدم فقد فضل آدم بالأولى، ولا ينافي التفضيل بين الأنبياء قوله تعالى: {لا تفرّق بين أحد من رسله} (البقرة: 285) ولا ما في الأحاديث الصحيحة من قوله: «لا تفضلوني» . وفي رواية «لا تخيروني على الأنبياء» . وفي أخرى «لا تخيروا بين الأنبياء» ولا تفضيل نبينا عليهم قوله في الحديث المتفق عليه: «من قال أنا
خير من يونس بن متى فقد كذب» وذلك لأن عدم التفرقة بينهم إنما هي في الإيمان بهم وبما جاءوا به.
وأما النهي فإما عن تفضيل في ذات النبوّة أو الرسالة لأنهم فيها سواء، أو عن تفضيل يؤدي إلى تنقيص بعضهم أو إلى خصومة أو على التواضع منه أو قبل علمه بتفضيله عليهم وإن استبعد بأن رواية أبو هريرة وما أسلم إلا سنة سبع فيبعد أنه لم يعلمه إلا بعد هذا. وأجاب جمع كمالك وإمام الحرمين عن خبر يونس بما حاصله: إن تفضيل نبينا بالأمور الحسية كالشفاعة الكبرى وكونه تحت لوائه سائر الأنبياء والإسراء به إلى فوق سبع سموات مع النزول بيونس إلى قعر البحر معلوم بالضرورة، فلم يبق إلا النهي بالنسبة إلى القرب من الله تعالى لتوهم التفاوت فيه بين من هو فوق السموات ومن في قعر البحر، فبين أنهما حينئذٍ بالنسبة إلى القرب من الله تعالى على حد سواء لتعاليه تعالى عن الجهة والمكان علوّاً كبيراً ففيه أبلغ ردّ على الجمهوية والمجسمة. واعلم أن في حديث «أنا سيد العالمين» أبلغ رد على المعتزلة وإن وافقهم الباقلاني والحليمي في تفضيلهم الملائكة على الأنبياء، واستدلوا بما هو مردود. ومعنى تفضيل البشر عليهم أن خواصهم وهو الأنبياء أفضل من خواص الملائكة وهم جبريل وإسرافيل وميكائيل وعزرائيل وحملة العرش والمقربون والكروبيون والروحانيون، وخواصهم أفضل من عوام البشر إجماعاً بل ضرورة، وعوام البشر وهم الصلحاء دون الفسقة كما قال البيهقي وغيره أفضل من عوامهم، وقوله: (صلوات الله وسلامه عليه