وقال تعالى (?) : (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اشترط لربك ولنفسك ما شئت. فقال: أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، ولنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم. قالوا: فما لنا؟ قال: الجنة. قالوا: ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل (وقال تعالى: لا يستوي القاعدون) عن الجهاد (من المؤمنين غير أولي الضرر) بالرفع صفة القاعدون فإنه ما أراد به قوماً معيناً فهو كالنكرة أو بدل، ومن قرأ منصوباً فهو حال أو استثناء، وبالجر صفة المؤمنين أو بدل منه كما مر في الرفع نزلت أولاً (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله) إلى آخر الآية فجاء ابن أم مكتوم وهو أعمى فقال: يا رسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد فغشي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مجلسه، ثم سري عنه فقرأ لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر (وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) أي: لا مساواة بينهم وبين من قعد عن الحرب غير أولي الضرر (فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين) غير أولي الضرر صرّح به ابن عباس (?) والحديث الصحيح يدل عليه (درجة) الجملة موضحة لما نفي الاستواء فيه ونصب درجة بنزع الخافض أي: بدرجة عظيمة تندرج تحتها الدرجات، أو على المصدر، لأنه تضمن معنى التفضيل (وكلاً) أي: من القاعدين لغير عذر والمجاهدين (وعد الله الحسنى) الجنة والجزاء الجزيل (وفضل الله المجاهدين على القاعدين) بلا عذر (أجراً عظيماً) ثم أبدل منه قوله (درجات منه ومغفرة ْورحمة) كل واحد منهما بدل من أجر، أو كرر تفضيل المجاهدين، وبالغ فيه إجمالاً وتفصيلاً تعظيماً للجهاد وترغيباً فيه، وقيل:
الأول: ما خولهم به في الدنيا من الغنيمة والظفر وجميل الذكر.
والثاني: ما جعل لهم في الآخرة، وقيل: المراد بالدرجة ارتفاع منزلتهم عند الله،