1270- وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -، قَالَ: خَطَبَنَا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "أيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُم الحَجَّ فَحُجُّوا" فَقَالَ رَجُلٌ: أكُلَّ عَامٍ يَا رَسولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلاثاً. فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ" ثُمَّ قَالَ: "ذَرُوني مَا تَرَكْتُكُمْ؛ فَإنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤالِهِمْ، وَاخْتِلاَفِهِمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1270- (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا) يتعدى بنفسه وبعلى كما في المصباح (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:) عطف تفسير (يا أيها الناس إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا) أي: ادوا ذلك الواجب (فقال رجل) قال ابن حجر الهيثمي: هو الأقرع ابن حابس انتهى. وقد جاء تعيينه في حديث رواه أحمد والنسائي والدارمي، وسنده حسن (أكل عام) بالنصب ظرف لفرض مقدراً (يا رسول الله فسكت) - صلى الله عليه وسلم - عن جوابه (حتى قالها) أي: المقالة المذكورة (ثلاثاً) منصوب على المصدرية، وسكوته عنه، لينزجر عن سؤاله الواقع في غير محله؛ لوجوه منها: أن مدلول الأمر مدة وما زاد عليها لا بد له من دليل خارجي، ومع ملاحظة ذلك فلا وجه لسؤاله، فكان فيه نوع تعنت وسؤال عما لا يحتاج إليه، ومنها: أنه - صلى الله عليه وسلم - أرسل لتبليغ الأحكام بغاية الإِيضاح والبيان، فلو وجب التكرار لأفاده صريحاً وإن لم يسأل عنه فالسؤال حينئذ ضائع، ولما علم - صلى الله عليه وسلم - من تكريره له أنه لا ينزجر بذلك ولا يقنع إلا بجواب صريح أجابه بما فيه نوع توبيخ له (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو قلت نعم) أي: فرض عليكم كل عام (لوجبت) أي: الحجة كذلك (ولما استطعتم) ذلك: لأن فيه من المشقة ما لا يطاق تحمله فأفادت (لو) الدالة على انتفاء الثاني لانتفاء المقدم الذي لم يخلفه غيره، أنه لا يجب كل عام أي: باعتبار الأصل، فلا يرد وجوبه بنحو قضاء أو نذر، وأفاد ثانيها أن الأمر للوجوب إذ لا يجب الحج كل سنة، بقوله: حجوا كل سنة إلا إذا كان الأمر للوجوب، وما بعده أنه إنما لم يتكرر لما فيه من الحرج الذي لا يطاق، وإن الأمر على السهولة واليسر لا على الصعوبة والعسر كما توهمه السائل، وإن العاقل لا ينبغي له أن يستقبل الكلف الخارجة عن وسعه وأن لا يسأل عما يسؤه لو أبدى قال تعالى: (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) (?) (ثم قال) زجراً لذلك السائل أيضاً (ذروني ما تركتكم) أي: لأني لا أنطق إلا بما شرعه الله لكم، ولا أحتاج إلى تنبيه؛ لأني لا أخل بشيء مما يحتاج إلى البيان عند الحاجة إليه (فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم) أي: من غير حاجة بل لقصد التعنت المؤدي للإيذاء أو التكذيب (واختلافهم على أنبيائهم) فيتقولون عليهم ما لم يقولوه، ويحرفون ما