بنفسه ويقوم به غيره وذلك غاية الجلال والعظمة {لا تأخذه سنة ولا نوم} (البقرة: 255) تنزيه وتقديس له عما يستحيل عليه من صفات الحوادث والتقديس عما يستحيل عليه أحد أقسام المعرفة {له ما في السموات وما في الأرض} إشارة إلى الأفعال كلها وأن جمعيها منه وإليه من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه إشارة إلى انفراده بالملك والحكم والأمر، وأنه لا يملك الشفاعة عنده في أمر من الأمور إلا من شرفه بها وأذن له فيها، وهذا نفي للشركة عنه في الملك والأمر يعلم ما بين أيديهم، إلى قوله: بما شاء إشارة إلى صفة المعلم وتفضيل بعض المعلومات والانفراد بالعلم، ولا علم لغيره إلا ما أعطاه ووهبه على قدر مشيئته وإرادته {وسع كرسيه السموات والأرض} إشارة إلى عظم ملكه وكمال قدرته ولا يؤوده حفظهما إشارة إلى صفة العزة وكمالها وتنزيهها عن الضعف والنقص وهو العليّ العظيم إشارة إلى أصلين عظيمين في الصفات، وحينئذ لا تجد في آية غيرها جميع هذه المعاني حتى آية {شهد الله} إذ ليس فيها إلا التوحيد {وقل اللهم مالك الملك} (آل عمران: 26) إذ ليس فيها إلا توحيد الأفعال «والإخلاص» ليس فيها إلا التوحيد والتقديس «والفاتحة» فيها الثلاثة لكنها مرموزة لا مشروحة، نعم يقرب منها في جميعها آخر الحشر وأول الحديد ولكنها آيات لا آية الكرسي اشتمالها على ستة عشر موضعاً فيها اسم الله تعالى لفظاً أو ضميراً، بل إن عدّ المحتمل في الحيّ القيوم والعليّ العظيم والفاعل المقدر
في حفظهما المضاف لمفعوله بلغت إحدى وعشرين، وكما وصفت هذه الآية بأنها أعظم أي القرآن كما في حديث الباب وصفت بكونها سيدة أي القرآن في حديث الترمذي والحاكم، ووصفت بهما دون الفاتحة، فإنها إنما وصفت بالأعظمية والأفضلية لما قال الغزالي: إن الجامع بين فنون الفضل وأنواعه الكثيرة يسمى أفضل، فإن الفضل هو الزيادة والأفضل هو الأزيد: وأما السؤدد فهو رسوخ معنى الشرف الذي يقتضي الاستتباع ويأتي التبعية، والفاتحة تتضمن التنبيه على معان كثيرة ومعارف مختلفة فكانت أفضل، وآية الكرسي تشتمل على المعرفة العظمى المقصودة المتبوعة التي يتبعها سائر المعارف فكان اسم السيد بها أليق اهـ. ملخصاً من «فتح الإله» (رواه مسلم) .