ويجوز أن تكون صبرت جواب الشرط ومفعول شاء محذوف: أي إن شئت جزيل الأجر صبرت، ومثل هذا الإعراب يجري في قوله: (وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك، فقالت) مختارة للبلاء والصبر عليه لجزيل الثواب المرتب عليه (أصبر) أي على الصرع لأنه يرجع إلى النفس، ولما كان التكشف راجعاً لحق الله تعالى: إذ هي مأمورة بستر جميع البدن لكونه عورة (قالت: إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا لها) فهي من أهل الجنة بوعد الصادق المصدوق (متفق عليه) .
قيل: أحاديث الباب تشعر أن نفس المصائب لا ثواب فيها إنما الثواب على الصبر عليها والاحتساب، وقد بسطت الكلام على ذلك في باب أذكار المريض من «شرح الأذكار» .
3612ــــ (وعن أبي عبد الرحمن) كنية (عبد ابن مسعود رضي الله عنه) ابن غافل بمعجمة وفاء ابن حبيب الهذلي. وكان ابن مسعود حالف في الجاهلية عبد الحارثبن زهرية. أسلم عبد الله قديماً بمكة سادس ستة لما مر به وهو يرعى غنماً لعقبةبن أبي معيط فأراه معجزة فأسلم، ثم هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وشهد بدراً وبيعة الرضوان والمشاهد كلها؛ وصلى للقبلتين، وكان يكرمه ويدنيه ولا يحجبه، وكان مشهوراً بين الصحابة بأنه صاحب سرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسواكه ونعليه وطهوره في السفر، وبشره بالجنة وقال: «رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد، وسخطت لها ما سخط لها ابن أم عبد» وكان يشبه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هديه وسمته، ولي قضاء الكوفة ومالها في خلافة عمر وصدراً من خلافة عثمان، ثم رجع إلى المدينة، ومات بها، وقيل: بالكوفة سنة اثنتين وثلاثين عن بضع وستين سنة، وصلى عليه الزبير ليلاً ودفنه بالبقيع بإيصائه له بذلك لكونه كان قد آخى بينهما. روي له ثمانمائة حديث وثمانية وأربعون حديثاً، أخرجا منها أربعة وستين، وانفرد البخاري بأحد وعشرين، ومسلم بخمسة وثلاثين (قال: كأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ