باللام فلا يطلق على غير الله تعالى (لمن هذا الجمل) لعله كرر السؤال عن مالكه لشدة اعتنائه بمعرفته وكثرة شفقته على الجمل (فجاء فتى من الأنصار) لم أقف على من سماه، وفي رواية لأحمد «فقال النبي: انظر لمن هذا الجمل، قال: فخرجت ألتمس صاحبه فوجدته لرجل من الأنصار، فدعوته له فقال: ما شأن جملك
هذا؟ فقال: ما شأنه؟ لا أدري والله ما شأنه عملنا عليه ونضحنا عليه حتى عجز عن السقاية، فأتمرنا البارحة أن ننحره ونقسم لحمه، قال: فلا تفعل» قال ابن رسلان: في هذه الرواية منع نحر الجمل إذا: أزمن وعجز عن العمل وإن أريد أكل لحمه وقد صرح به أصحابنا اهـ. ولم أر من نقله عن أصحابنا والله أعلم. (فقال: وهذا لي يا رسول الله: قال: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة) أي أتهمل أمرها فلا تتقي الله في أمرها. قال الأزهري: البهيمة في اللغة معناها المبهمة عن العقل والتمييز، والمعنى: ألا تتقي الله فيما لا لسان لها فتشكو ما بها من جوع وعطش ومشقة، فهو أبلغ في الأمر بالتقوى فيها من نحو اتق الله (التي ملكك الله) أظهر في مقام الإضمار لزيادة الحض والحث على التقوى فيها (إياها) أي أنعم بها عليك فلا تقابل نعمته بمعصيته بل بالشكر والإحسان ليدوم لك الامتنان، ثم ذكر الداعي إلى تحريضه على إصلاح شأنها بقوله (فإنه) التذكير باعتبار أنه جمل: أي فإن الجمل، وفيه تفنن في التعبير (يشكو إليّ) لا مانع من إجرائه على حقيقه، وعرف النبي ذلك باطلاع الله تعالى له عليه فهو من جملة معجزاته أو فهم ذلك من أحواله (أنك تجيعه) بضم أوله (وتدئبه) بضم التاء الفوقية أيضاً مضارع من الإفعال من الدأب بمهملة ثم همزة ثم موحدة: أي تكده وتتعبه في العمل، وفي رواية لأحمد «شاكياً كثرة العمل وقلة العلف» (ورواه أبو داود) في الجهاد (كرواية البرقاني) بتفاوت بسير منه على بعضه (قوله ذفراه هو بكسر الذال المعجمة وإسكان الفاء وهو لفظ مفرد مؤنث) قال أهل اللغة الذفري الموضع الذي يعرق من الإبل خلف الأذن، وقوله (تدئبه) بالضبط المذكور فيه (أي تتعبه) بضم الفوقية إفعال من التعب.