التوربشتي: أمثال هذه الكلمات عسر الوقوف على معانيها وقصرت الأفهام عن تقرير التناسب بين ألفاظها ومبانيها لأنها لم توضع للعمل والاستنباط منها بل وضعت للتلفظ بها تيمناً

وتشفيعاً، وربما وقع شيء من معانيها في القلوب السليمة الواقعة لاستماع كلام النبوة بمرصاد الأدب والحرمة، وقد علمنا من غير هذه الرواية أنه كان يبل أنملة إبهامه اليمنى بريقه ويضعها على الأرض ليلتزف بها التراب ثم يرفعها ويشير بها إلى السقيم، وذلك معنى قول عائشة بأصبعه. قلت: لكن صرحت في هذه الرواية بأنها السببابة والله أعلم. قال: والذي يسبق إلى الفهم من صنعه ذلك ومن قوله تربة أرضنا إشارة إلى فطرة أول مفطور من البشر، وريقة بعضنا إشارة إلى النطفة التي خلق الله منها الإنسان كأنه يتضرع بلسان الحال ويتعرض لفحوى المقال إنك اخترعت الأصل من طين، ثم ابتدعت نسله من سلالة من ماء مهين فهين عليك أن تشفي من كانت هذه نشأته وتمن بالعافية على من استوى في ملكك موته وحياته. فإن قيل إن صحت المناسبة بين التربة وفطرة الإنسان فما وجه المناسبة بين الريقة والنطفة؟ قلت: هما من فضلات الإنسان فعبر بإحداهما عن الأخرى وكانت عادته الكناية في مثل ذلك ونظيره ما جاء في حديث بشير بن الخصاصية «أنه بصق على كفه ثم وضع عليه أصبعه ثم قال: يقول الله عز وجل: ابن آدم أتعجزني وقد خلقتك من مثل هذا؟ وأراد بها النطفة» (متفق عليه) .

2902 - (وعنها أن النبي كان يعود بعض أهله) أي عند مرضه (يمسح) أي ذلك المعاذ (بيده اليمنى) وبركتها عليه فيستحب فعل ذلك لمن يتبرك به (ويقول: اللهم ربّ الناس) ربّ منصوب على أنه منادى ثان، ولا يجوز نصبه عند البصريين على أن يكون صفة لقوله اللهم: أي يا مربيهم بالنعم والمخرج لهم إلى الوجود من العدم (أذهب) بهمزة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015