منها في المنام دون اليقظة فلا جرم فرق بينهما بحذف تاء التأنيث وجعل ألف التأنيث فيها مكان تائه للفرق. وقل الواحديث الرؤيا مصدر إلا أنه لما صار إسماً للمتخيل في المنام جرى مجرى الأسماء، وقال المصنف: الرؤيا مهموزة مقصورة ويجوز ترك الهمزة تخفيفاً. قال المازري: الذي عليه أهل السنة أن الرؤيا هي أن الله يخلق في قلب النائم اعتقادات وكأنه جعلها علماً على أمور أخرى يخلقها في أثناء
الحال قد تنخلف كالغيم خلقه الله تعالى علامة على المطر وقد يتخلف، وتلك الاعتقادات تقع منا مرة بحضرة الملك فنسر وأخرى بحضرة الشيطان فنساء، وقد بسط الكلام شيخ الإسلام في «فتح الباري» على الرؤيا فعليك بمراجعته لتقف على ما فيه من النفائس (متفق عليه) .
(وفي رواية) أي لمسلم (وأصدقهم) أي الرائين الصالحين (رؤيا) تمييز عن نسبته لمن هو له (أصدقهم حديثاً) أي خبراً هذا باعتبار الغالب. قال المهلب: قد يرى الصالح الأضغاث لكن نادراً لقلة تمكن الشيطان منه، بخلاف غيره فإن الشيطان متسلط عليه فغلب عليه الكذب. قال: فالناس ثلاث درجات: الأنبياء ورؤياهم صدق البتة وقد يقع فيها ما يحتاج إلى التعبير. والصالحون والأغلب على رؤياهم الصدق وقد يقع فيها ما لا يحتاج إلى تعبير، ومن عداهم يقع في رؤياهم الصدق، والأضغاث فالمستورون يستوي الأمران فيهم، والفسقة يغلب في رؤياهم الأضغاث، والكفار يندر في رؤياهم الصدق.
3840 - (وعنه قال: قال رسول الله: من رآني في المنام فسيراني في اليقظة) بفتح القاف، قال الشيخ أكمل الدين في «شرح المشارق» : هو بالنسبة إلى لإخبار بالغيب يكون بشرى برؤيتهم إياه عليه الصلاة والسلام يوم القيامة وهو تأويله. وسمى ذلك يقظة لأنها اليقظة الحقيقية، وذلك لا ينافي أن يكون تأويله بالنسبة إلى أمر الدنيا حصول خير ودين وغير ذلك مما يؤول به. قال وقوله (أو فكأنما رآني في اليقظة) شك من الراوي، ومعناه غير الأول لأنه تشبيه وهو صحيح لأن ما رآه في المنام مثال وما يرى في عالم الحس حسي فهو تشبيه خيالي بحسي، قال وقوله (لا يتمثل بي الشيطان) واستئناف بياني كأن سائلاً قال: