صاحب الحياء قد يمتنع عن أن يواجه بالحق من يستحي منه فيترك إنكار المنكر عليه وأمره بالمعروف، وقد يحمله الحياء على الإخلال ببعض الحقوق وغير ذلك مما هو معروف في العادة. والجوب ما أجاب به ابن الصلاح وغيره من أن ذلك المانع ليس حياء حقيقياً بل صورياً وإنما هو عجز وخور ومهانة، وتسميته حياء من إطلاق بعض أهل العرف، أطلقوه مجازاً لمشابهته الحياء الحقيقي، وإنما حقيقة الحياء خلق يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق ونحو هذا، ويدل عليه ما ذكرنا عن الجنيد أي مما يأتي اهـ.
3683 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: الإيمان بضع وسبعون أو) شك من الراوي وهو سهل كذا قاله البيهقي نقله عنه المصنف (بضع وستون شعبة) أي جزءاً وخصلة وتقدم بيانها في باب الدلالة على كثرة طرق الخيرات حينما ذكر المصنف هذا الحديث (فأفضلها) الفاء فيه للتفصيل أو فصيحة: أي إذا عرفت ذلك وأردت معرفة تفاوت رتبها (فأفضلها) أي أكثرها ثواباً وأعلاها عند الله سبحانه مكانة (قول لا إله إلا الله) يحتمل أن يراد مع قرينتها وهي محمد رسول الله، فذلك كناية عن مجموع الشهادتين كما يدل عليه قول المصنف الآتي نقلاً عن عياض في توجيه أفضليتها بقوله الذي لا يصح شيء من الشعب إلا بعده، ويحتمل أن يراد هي فقط لشرفها وعظم مفادها من الدلالة على توحيد الباري الذي هو حكمة إرسال الرسل (وأدناها) أي أقلها ثواباً أو أنزلها مرتبة (إماطة) بكسر الهمزة وبالطاء المهملة أي إزالة (الأذى) ما يؤذي المارة من حجر أو شوك أو عظم أو نحو ذلك كما سيأتي في كلامه (عن الطريق) وذلك لما فيه من نفع المارة ودفع ضررهم ودفع ما يؤذيهم (والحياء شعبة) أي خصلة (من الإيمان) ثم الإيمان شرعاً هو التصديق القلبي بكل ما علم بالضرورة مجيء الرسول به مع النطق اللساني للقادر عليه وظواهر الشرع كهذا الحديث يطلقه على الأعمال، والمراد أنها من كمال الإيمان وتمامه فإنه بالطاعات يتم ويكمل التصديق فالتزام الطاعات وضم هذه الشعب من جملة التصديق ودلائل عليه وأنها خلق أهل التصديق فلست خارجة عن اسم الإيمان الشرعي ولا اللغوي. وقد نبه على أن أفضلها التوحيد المتعين على كل أحد الذي لا يصح شيء من الشعب إلا بعد صحته،