المولى لذلك المولى على رعيته، فمن لم يفرط في حقها ولم يخن فيها برىء من عهدتها وضده بضده (وإنها يوم القيامة) ظرف (خزي) أي فضيحة قبيحة وذلك لمن لم يؤد في الأمانة حقها ولا قام للرعية بمستحقها (وندامة) على تقلده لذلك مع تفريطه فيها، فالذم محمول على الأهل للولاية إذ لم يعدل فيها، أو على غير الأهل، أما الأهل لها إذا وليها وعدل فيها فله فضل عظيم وأجر جسيم، وهو من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظلّ إلا ظله. قال القرطبي: وهو مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وإلى الجانب الأخير أشار بقوله (إلا من أخذها) أي الإمارة (بحقها) أي بأن كان متأهلاً لها (وأدى الذي عليه فيها) من نشر ألوية العدل وبسط بساط الإنصاف والرفق وعدم الاعتساف، ثم قال العاقولي: الاستثناء منقطع: أي هي خزى وندامة لكن من أخذها بحقها لم تكن خزيا عليه. قلت: ولا يتعين انقطاعه فيجوز كونه متصلاً: أي أن الإمارة كذلك إلا إذا كانت مأخوذة بالحق مقاماً فيها بالعدل.
قال المصنف: ومع فضل العدل لكن خطر الولاية كثير فلذا حذره منها، وكذا حذر العلماء وامتنع منها خلائق من السلف وصبروا على الأذى حين امتنعوا. وقال العاقولي: الحديث أصل عظيم في اجتناب الولاية فإنه لا يفي الوصل بالصد (رواه مسلم) في المغازي.
4677 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال) من جملة معجزاته من الإخبار عن المغيب قبل وقوعه فوقع كما أخبر (إنكم ستحرصون) بكسر الراء ويجوز فتحها أكد باسمية الجملة وتصديرها بإن وتقدير القسم قبلها والإتيان بحرف الاستقبال، كأنه لما يومي إليه حال زهدهم حينئذ في الدنيا وإعراضهم عنها من استبعاد طلبهم لها فضلاً عن الحرص عليها فعوملوا معاملة المنكر (على الإمارة) بطلبها وهو شامل للإمارة الكبرى والصغرى وهي الولاية على بعض البلاد (وستكون ندامة يوم القيامة) أي لمن لم يكن من أهلها ولم يقم بحقها، إذ المطلق محمول على المقيد وكونه حذف ذلك هنا تنفيراً عنها وتبعيداً منها لما تقدم فيما قبله (رواه البخاري) في الأحكام ورواه النسائي في القضاء وفي البيعة وفي