في ضدّ ذلك تقدمت مع الكلام على ما يتعلق بها في باب النهي عن البخل.

(وقال تعالى) : ( {وسيجنبها} ) أي النار ( {الأتقى} ) أي الذي اتقى الشرك والمعصية فلا يدخلها أصلاً، وأما من اتقى الشرك فقط فيمكن أن يدخلها لكن لا يصلاها ولا يلزمها ( {الذي يؤتي ماله} ) يعطيه وينفقه في طاعة الله ( {يتزكى} ) أي يطلب تزكية نفسه وماله فصله الذي بدل أو حال فلا محل له على الأول ( {وما لأحد عنده من نعمة تجزى} ) فيقصد إتيانه مجازاتها ( {إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى} ) أي لكن يؤتى طلباً لمرضاة الله سبحانه، والجمهور على نصب ابتغاء وأنه على الاستثناء المنقطع، وإلا بمعنى لكن كما تقرر فهو في الحقيقة مفعول له، قاله الهمذاني، وانظر ابن عطية في كون الاستثناء منقطعاً وجعل الكواشي الاسثناء المنقطع والمفعولية له وجهين متقابلين محمول على المعنى، والتقدير: لم يعط الشيء إلا ابتغاء وجهه سبحانه، والابتغاء: الطلب أي إلا لطلب التوجه إلى ربه الأعلى (ولسوف يرضى) من ربه حين يدخله في رحمته، وعن كثير من السلف أن هذه السورة في الصديق وهو الأتقى فيكون الحصر ادعائياً لا حقيقياً، كأن غير هذا الأتقى غير مجتنب بالكلية كذا في «تفسير» السيد معين الدين الصفوي، وفي «تفسير ابن عطية» لم يختلف أهل التأويل أن المراد بالأتقى إلى آخر السورة أبو بكر ثم هي تتناول كل من دخل في هذه الصفات. وقال ابن كثير في «تفسيره» : قد ذكر غير واحد من المفسرين أن هذه الآي نزلت في أبي بكر رضي الله عنه حتى أن بعضهم حكى الإجماع عن المفسرين على ذلك، ولا شك أنه داخل فيها وأولى الناس بعمومها، وأن لفظها لفظ العموم وهو قوله: {وسيجنبها الأتقى} الخ. ولكنه مقدم الأمة وسابقهم في جميع هذه الأوصاف الحميدة، فإنه كان صديقاً تقياً كريماً جواداً بذالاً لأمواله في طاعة مولاه ونصر رسوله، وفي «تفسير الكواشي» : والمراد بالأتقى أبو بكر الصديق قالوا بإجماع المفسرين، وما ذكره ابن عطية وابن كثير من أن الآية تشمل من دخل في تلك الصفات تعقبه الحافظ السيوطي في

«الإتقان» فقال بعد أن مهد قاعدة: «العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب» :

«تنبيه» : قد علمت أن فرض المسألة في لفظ له عموم أما آية نزلت في معين ولا عموم للفظها فإنها تقصر عليه قطعاً كقوله تعالى: {وسيجنبها الأتقى} الخ فإنها نزلت في الصديق إجماعاً وقد استدل بها الفخر الرازي مع قوله: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} على أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015