فيها الهمزة بل جعل موضعها خاليا، فجاء من بعد السلف، وأحدث للهمزة هيئة إما نقطا أو عينا، ثم مثل الناظم في البيت الثاني بثلاثة أمثلة لما يمتحن بالعين: الأول "آمنوا"، وأشار به إلى ما وقع فيه بعد الهمز حرف مد، فيدخل فيه: {مَسْؤُولًا} 1، و {مُتَّكِئِينَ} 2 فتقول: "عامنوا" و"مسعولا" و"متكعين"، فظهرت العين قبل الألف والواو والياء، فتجعل الهمزة في مكانها، والمثال: {السَّوْءِ} 3 مثل به للهمز الذي قبله واو، والمثال الثالث: {الْمُسِيءُ} 4 مثل به للهمز الذي قبله ياء، ولم يمثل للهمز الذي قبله ألف نحو: {دُعَاءِ} 5 اكتفاء عنه بمثالي الواو والياء الواقعين قبل الهمز، وهذه الأمثلة التي ذكرها قد يتوهم فيها جعل الهمزة في حرف المد، فلذا اقتصر عليها، وإلا فالامتحان بالعين يعم الهمز الذي لا صورة له -كأمثلة الناظم- والهمز الذي له صورة نحو: {سَأَلُوا} 6 و {مُؤَجَّلًا} 7، و {فِئَةٍ} 8، و"ثم" في قوله: "ثم امتحن" لمجرد العطف، وليست للمهلة بل ولا للترتيب؛ لأن مرتبة الامتحان بالعين سابقة على ما استفيد من قوله: "وكل من نبر" وما بعده، وقوله: "موضعه" مفعول به لـ"امتحن"، وليس بظرف، ثم قال:
وخصت العين لما بينهما ... من شدة وقرب مخرجيهما
لأجل ذا خطت عن الثقات ... عينا من الكتاب والنحاة
يعني أن وجه اختصاص العين بالامتحان بها دون غيرها من الحروف هو ما بينها، وبين الهمزة من المناسبة من وجهين: أحدهما كون الهمزة شديدة والعين فيها بعض الشدة بخلاف سائر حروف الحلق، والثاني أنهما معا من حروف الحلق بخلاف سائر حروف الشدة، ليس يخرج منها شيء من الحلق، فما يشارك الهمزة من حروف الهجاء إما يشاركها في المخرج فقط، أو في الصفة فقط ما عدا العين، فإنها تشاركها في المخرج والصفة، وهذا التوجيه ذكره الداني، وزاد في التوجيه اشتراكهما في الجهر، وكون العين أكثر دورا من غير واعلم أن الناسبة المذكورة بين الهمزة، والعين أوجبت للهمزة أمرين: أحدهما يرجع إلى اللفظ وهو امتحان موضعها بالعين دون غيرها، وهو الذي ذكره الناظم فيما