«إذا تبايعتم بالعينة

(17) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ (?)».

وَقِيلَ: إنَّ دَلَالَةَ الْحَدِيثِ عَلَى تحْرِيمِ بيع العينة غَيْرُ وَاضِحَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَرَنَ الْعِينَةَ بِالْأَخْذِ بِأَذْنَابِ الْبَقَرِ وَالِاشْتِغَالِ بِالزَّرْعِ - وَذَلِكَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ - وَتَوَعَّدَ عَلَيْهِ بِالذُّلِّ وَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ وَلَكِنَّهُ لَا يَخْفَى مَا فِي دَلَالَةِ الِاقْتِرَانِ مِنْ الضَّعْفِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّوَعُّدَ بِالذُّلِّ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ طَلَبَ أَسْبَابِ الْعِزَّةِ الدِّينِيَّةِ وَتَجَنُّبَ أَسْبَابِ الذِّلَّةِ الْمُنَافِيَةِ لِلدِّينِ وَاجِبَانِ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَقَدْ تَوَعَّدَ عَلَى ذَلِكَ بِإِنْزَالِ الْبَلَاءِ، وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا لِذَنْبٍ شَدِيدٍ، وَجَعَلَ الْفَاعِلَ لِذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْخَارِجِ مِنْ الدِّينِ الْمُرْتَدِّ عَلَى عَقِبِهِ، وَصَرَّحَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها بِأَنَّهُ مِنْ الْمُحْبِطَاتِ لِلْجِهَادِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ السَّالِفِ، وَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ شَأْنُ الْكَبَائِرِ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015