فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ ارْتَدَّ الْبَلَاءُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدُّ مَا كَانَ، فَعَمَدَ لِثَقِيفٍ بِالطَّائِفِ رَجَاءَ أَنْ يَأْوُوَهُ، فَوَجَدَ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِنْهُمْ سَادَةُ ثَقِيفٍ يَوْمَئِذٍ وَهُمْ أُخْوَةٌ: عَبْدُ يَالِيلَ بْنُ عَمْرٍو، وَحَبِيبُ بْنُ عَمْرٍو، وَمَسْعُودُ بْنُ عَمْرٍو، فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، وَشَكَا إِلَيْهِمُ الْبَلَاءَ وَمَا انْتَهَكَ مِنْهُ قَوْمُهُ. فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَنَا أَمْرُقُ أَسْتَارَ الْكَعْبَةِ إِنْ كَانَ اللهُ بَعَثَكَ بِشَيْءٍ قَطُّ. وَقَالَ الْآخَرُ: أَعَجَزَ اللهُ أَنْ يُرْسِلَ غَيْرَكَ. وَقَالَ الْآخَرُ: وَاللهِ لَا أُكَلِّمُكَ بَعْدَ مَجْلِسِكَ هَذَا أَبَدًا، وَاللهِ لَئِنْ كُنْتَ رَسُولَ اللهِ لَأَنْتَ أَعْظَمُ شَرَفًا وَحَقًّا مِنْ أَنْ أُكَلِّمَكَ، وَلَئِنْ كُنْتَ تَكْذِبُ عَلَى اللهِ لَأَنْتَ أَشَرُّ مِنْ أَنْ أُكَلِّمَكَ. وَتَهَزَّءُوا بِهِ وَأَفْشَوْا فِي قَوْمِهِمُ الَّذِي رَاجَعُوهُ بِهِ، وَقَعَدُوا لَهُ صَفَّيْنِ عَلَى طَرِيقِهِ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ صَفَّيْهِمْ جَعَلُوا لَا يَرْفَعُ رِجْلَيْهِ وَلَا يَضَعُهُمَا إِلَّا رَضَخُوهُمَا بِالْحِجَارَةِ، وَكَانُوا أَعَدُّوهَا حَتَّى أَدْمَوْا رِجْلَيْهِ. فَخَلَصَ مِنْهُمْ وَهُمَا يَسِيلَانِ الدِّمَاءَ، فَعَمَدَ إِلَى حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِهِمْ، وَاسْتَظَلَّ فِي ظِلِّ حَبَلَةٍ مِنْهُ، وَهُوَ مَكْرُوبٌ مُوجَعٌ، تَسِيلُ رِجْلَاهُ دَمًا، فَإِذَا فِي الْحَائِطِ عُقْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَلَمَّا رَآهُمَا كَرِهَ مَكَانَهُمَا لِمَا يَعْلَمُ مِنْ عَدَاوَتِهِمَا اللهَ وَرَسُولَهُ، فَلَمَّا رَأَيَاهُ أَرْسَلَا إِلَيْهِ غُلَامًا لَهُمَا يُدْعَى عَدَّاسًا وَهُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015