أَطْيَبِ مَوْضِعٍ وَأَكْرَمِ مَعْدِنٍ، وَأَنْتَ - أَبَيْتَ اللَّعْنَ - مَلِكُ الْعَرَبِ الَّذِي لَهُ تَنْقَادُ، وَعَمُودُهَا الَّذِي عَلَيْهِ الْعِمَادُ، وَمعْقِلُهَا الَّذِي يَلْجَأُ إِلَيْهِ الْعِبَادُ، سَلَفُكَ خَيْرُ سَلَفٍ، وَأَنْتَ لَنَا مِنْهُمْ خَيْرُ خَلَفٍ فَلَنْ يَهْلِكَ ذِكْرُ مَنْ أَنْتَ خَلْفُهُ، وَلَنْ يَخْمُلَ ذِكْرُ مَنْ أَنْتَ سَلَفُهُ نَحْنُ أَهْلُ حَرَمِ اللهِ تَعَالَى وَسَدَنَةُ بَيْتِ اللهِ، أَشْخَصَنَا إِلَيْكَ الَّذِي أَبْهَجَنَا مِنْ كَشْفِكَ الْكَرْبَ الَّذِي فَدَحَنَا، فَنَحْنُ وَفْدُ التَّهْنِئَةِ لَا وَفْدُ الْمَرْزَأَةِ قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: وَمَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الْمُتَكَلِّمُ؟ قَالَ: أَنَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ: قَالَ: ابْنُ أُخْتِنَا؟ قَالَ: نَعَمْ , قَالَ: أُدْنُهْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا - وَأَرْسَلَهَا مَثَلًا، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ بِهَا - وَنَاقَةً وَرَحْلًا، وَمُسْتَنَاخًا سَهْلًا، وَمَلِكًا رِبَحْلًا يُعْطِي عَطَاءً جَزْلًا قَدْ سَمِعَ الْمَلِكُ مَقَالَتَكُمْ، وَعَرَفَ قَرَابَتَكُمْ، وَقَبِلَ وَسِيلَتَكُمْ فَإِنَّكُمْ أَهْلُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَلَكُمُ الْكَرَامَةُ مَا أَقَمْتُمْ، وَالْحِبَاءُ إِذَا ظَعَنْتُمْ. ثُمَّ أُنْهِضُوا إِلَى دَارِ الضِّيَافَةِ وَالْوُفُودِ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِمُ الْأَنْزَالُ فَأَقَامُوا بِذَلِكَ شَهْرًا لَا يَصِلُونَ إِلَيْهِ، وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فِي الِانْصِرَافِ , ثُمَّ انْتَبَهَ لَهُمُ انْتِبَاهَةً فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَأَدْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ إِنِّي مُفْضٍ إِلَيْكَ مِنْ سِرِّ عِلْمِي أَمْرًا لَوْ غَيْرُكَ يَكُونُ لَمْ أَبُحْ لَهُ بِهِ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُكَ مَعْدِنَهُ فَأَطْلَعْتُكَ طَلْعَهُ، فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ مَخْبِيًّا حَتَّى يَأْذَنَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ: إِنِّي أَجِدُ فِي الْكِتَابِ الْمَكْنُونِ، وَالْعِلْمِ الْمَخْزُونِ الَّذِي ادَّخَرْنَاهُ لِأَنْفُسِنَا واحْتَجَبْنَاهُ دُونَ غَيْرِنَا خَبَرًا عَظِيمًا وَخَطَرًا جَسِيمًا فِيهِ شَرَفُ الْحَيَاةِ، وَفَضِيلَةُ الْوَفَاةِ لِلنَّاسِ عَامَّةً، وَلِرَهْطِكَ كَافَّةً، وَلَكَ خَاصَّةً فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: مَثَلُكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ سَرٌّ وَبَرٌّ، فَمَا هُوَ فِدَاكَ أَهْلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015