عَمَدَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنِ الدِّينِ، وَاسْتَقْرَأَهُ الْقُرْآنَ، فَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ مِرَارًا حَتَّى فَقِهَ الدِّينَ وَعَلِمَ، وَكَانَ إِذَا وَجَدَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمًا عَمَدَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ يَكْتُمُ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَعْجَبَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَجِبَ مِنْهُ وَأَحَبَّهُ. فَمَكَثَ الْوَفْدُ يَخْتَلِفُونَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا فَقَالَ كِنَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَالِيلَ: هَلْ أَنْتَ مُقَاضِينَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَى قَوْمِنَا، قَالَ: «نَعَمْ إِنْ أَنْتُمْ أَقْرَرْتُمْ بِالْإِسْلَامِ قَاضَيْتُكُمْ، وَإِلَّا فَلَا قَضِيَّةَ وَلَا صُلْحَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ» . قَالُوا: أَفَرَأَيْتَ الزِّنَا؛ فَإِنَّا قَوْمٌ نَغْتَرِبُ لَا بُدَّ لَنَا مِنْهُ، قَالَ: " هُوَ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} . قَالُوا: أَفَرَأَيْتَ الرِّبَا؛ فَإِنَّهَا أَمْوَالُنَا كُلُّهَا، قَالَ: " لَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278] ". قَالُوا: أَفَرَأَيْتَ الْخَمْرَ؛ فَإِنَّهَا عَصِيرُ أَرْضِنَا، وَلَا بُدَّ لَنَا مِنْهَا، قَالَ: " إِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمِلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90] " فَارْتَفَعَ الْقَوْمُ فَخَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَقَالُوا: وَيْحَكُمْ، إِنَّا نَخَافُ إِنْ خَالَفْنَاهُ يَوْمًا كَيَوْمِ مَكَّةَ، انْطَلِقُوا نُكَاتِبْهُ عَلَى مَا سَأَلْنَا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: نَعَمْ