أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: كَانَتْ قُرَيْشٌ تَنْتَابُ الشَّامَ انْتِيَابًا كَثِيرًا، وَكَانَ كَثِيرٌ مِنْ مَعَاشِهَا مِنْهُ، وَتَأْتِي الْعِرَاقَ، فَيُقَالُ لَمَّا دَخَلَتْ فِي الْإِسْلَامِ ذَكَرَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَوْفَهَا مِنِ انْقِطَاعِ مَعَاشِهَا بِالتِّجَارَةِ مِنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ إِذْ فَارَقَتِ الْكُفْرَ وَدَخَلَتْ فِي الْإِسْلَامِ مَعَ خِلَافِ مَلِكِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ» ، فَلَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ كِسْرَى يَثْبُتْ لَهُ أَمْرٌ بَعْدَهُ، وَقَالَ: «إِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ» ، فَلَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ الشَّامِ قَيْصَرُ بَعْدَهُ، وَأَجَابَهُمْ عَلَى مَا قَالُوا لَهُ، وَكَانَ كَمَا قَالَ لَهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَطَعَ اللهُ الْأَكَاسِرَةَ عَنِ الْعِرَاقِ وَفَارِسَ وَقَيْصَرَ وَمَنْ قَامَ بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ عَنِ الشَّامِ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِسْرَى: «مُزِّقَ مُلْكُهُ» فَلَمْ يَبْقَ لِلْأَكَاسِرَةِ مُلْكٌ، وَقَالَ فِي قَيْصَرَ: «ثَبَّتَ اللهُ مُلْكَهُ» فَثَبَتَ لَهُ مُلْكُ بِلَادِ الرُّومِ إِلَى الْيَوْمِ، وَتَنَحَّى مُلْكُهُ عَنِ الشَّامِ، وَكُلُّ هَذَا مُؤتَفِقٌ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا