إِنِّي أَسْأَلُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللهُمَّ إِنْ تَشَأْ لَا تُعْبَدُ» وَأَقْبَلَ نَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمَخْزُومِيُّ، وَهُوَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ لِيُقْحِمَهُ الْخَنْدَقَ، فَقَتَلَهُ اللهُ وَكَبَتَ بِهِ الْمُشْرِكِينَ، وَعَظُمَ فِي صُدُورِهِمْ، وَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا نُعْطِيكُمُ الدِّيَةَ عَلَى أَنْ تَدْفَعُوهُ إِلَيْنَا فَنَدْفِنَهُ، فَرَدَّ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَبِيثٌ خَبِيثُ الدِّيَةِ، فَلَعَنَهُ اللهُ وَلَعَنَ دِيَتَهُ، فَلَا أَرَبَ لَنَا بِدِيَتِهِ، وَلَسْنَا مَانِعِيكُمْ أَنْ تَدْفِنُوهُ، وَرُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَمْيَةً فَقَطَعَتْ مِنْهُ الْأَكْحَلِ مِنْ عَضُدِهِ، وَرَمَاهُ - زَعَمُوا - حَيَّانُ بْنُ قَيْسٍ أَخُو بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي الْعَرِقَةِ، وَيَقُولُ آخَرُونَ: أَبُو أُسَامَةَ الْجُشَمِيُّ حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ. وَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: " رَبِّ اشْفِنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ قَبْلَ الْمَمَاتِ، فَرَقَأَ الْكَلْمُ بَعْدَ مَا كَانَ قَدِ انْفَجَرَ، وَصَبَرَ أَهْلُ الْإِيمَانِ عَلَى مَا رَأَوْا مِنْ كَثْرَةِ الْأَحْزَابِ وَشِدَّةِ أَمْرِهِمْ، وَزَادَهُمْ يَقِينًا لِمَوْعِدِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الَّذِي وَعَدَهُمْ، ثُمَّ رَجَعَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ أَنْ قَدْ طَالَ ثَوَاؤُنَا هَاهُنَا، وَأَجْدَبَ مَنْ حَوْلَنَا، فَمَا نَجِدُ رَعْيًا لِلظَّهْرِ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ نَخْرُجَ إِلَى مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ فَيَقْضِيَ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَمَاذَا تَرَوْنَ؟ وَبَعَثَتْ بِذَلِكَ غَطَفَانُ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ أَنْ نَعَمْ مَا رَأَيْتُمْ، فَإِذَا شِئْتُمْ فَانْهَضُوا، فَإِنَّا لَا نَحْبِسُكُمْ إِذَا بَعَثْتُمْ بِالرَّهْنِ إِلَيْنَا. وَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ أَشْجَعَ يُقَالُ لَهُ، نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ، يُذِيعُ الْأَحَادِيثَ، وَقَدْ سَمِعَ الَّذِي أَرْسَلَتْ بِهِ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، وَالَّذِي رَجَعُوا إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَارَ إِلَيْهِ وَذَلِكَ عِشَاءً، فَأَقْبَلَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ حَتَّى دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبَّةً لَهُ تُرْكِيَّةً، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا وَرَاءَكَ؟» قَالَ: إِنَّهُ وَاللهِ مَا لَكَ طَاقَةٌ بِالْقَوْمِ وَقَدْ تَحَزَّبُوا عَلَيْكَ وَهُمْ مُعَاجِلُوكَ، وَقَدْ بَعَثُوا إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ أَنَّهُ قَدْ طَالَ ثَوَاؤُنَا، وَأَجْدَبَ مَا حَوْلَنَا، وَقَدْ أَحْبَبْنَا أَنْ نُعَاجِلَ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ فَنَسْتَرِيحَ مِنْهُمْ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ بَنُو قُرَيْظَةَ أَنْ نِعْمَ مَا رَأَيْتُمْ، فَإِذَا شِئْتُمْ فَابْعَثُوا بِالرَّهْنِ ثُمَّ لَا يَحْبِسُكُمْ إِلَّا أَنْفُسُكُمْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015