أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَا: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَقُولُ: كَانَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ صَدِيقًا لِي بِمَكَّةَ، وَكَانَ اسْمِي: عَبْدَ عَمْرٍو، فَلَمَّا أَسْلَمْتُ تَسَمَّيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَلَقِيَنِي فَقَالَ: أَيَا عَبْدَ عَمْرٍو، أَرَغِبْتَ عَنِ اسْمٍ سَمَّاكَهُ أَبُوكَ؟ فَأَقُولُ: نَعَمْ، هَدَانِي اللهُ لِلْإِسْلَامِ، فَتَسَمَّيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، قَالَ: إِنِّي لَا أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، أَمَّا أَنْتَ فَلَا تُجِيبُنِي بِاسْمِكَ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَدْعُوكَ بِاسْمِكَ الْآخَرِ، فَاجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ شَيْئًا إِذَا دَعَوْتُكَ بِهِ أَجَبْتَنِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَلِيٍّ، فَقُلْ مَا شِئْتَ، قَالَ: فَأَنْتَ عَبْدُ الْإِلَهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا عَبْدُ الْإِلَهِ. فَكَانَ إِذَا لَقِيَنِي قَالَ: يَا عَبْدَ الْإِلَهِ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ وَهُزِمَ النَّاسُ اسْتَلَبْتُ أَدْرَاعًا فَمَرَرْتُ بِهِنَّ أَحْمِلُهُنَّ، فَرَآنِي أُمَيَّةُ، وَهُوَ قَائِمٌ مَعَ ابْنِهِ عَلِيٍّ آخِذٌ بِيَدِهِ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ عَمْرٍو، فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ الْإِلَهِ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِيَّ وَفِي ابْنِي، فَنَحْنُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ هَذِهِ الْأَدْرَاعِ الَّتِي تَحْمِلُ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، هَيْمُ اللهِ إِذًا، فَأَلْقَيْتُ الْأَدْرَاعَ، وَأَخَذْتُ بِيَدِهِ وَيَدِ ابْنِهِ فَجَعَلَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ. أَمَا لَكُمْ حَاجَةٌ فِي اللَّبَنِ؟ يَقُولُ فِي الْفِدَاءِ، قَالَ: فَوَاللهِ إِنِّي لَأَمْشِي مَعَهُمَا إِذْ رَآهُمَا مَعِي بِلَالٌ، فَقَالَ: رَأْسُ الْكُفْرِ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا، فَقُلْتُ: أَيْ بِلَالُ، أَبِأَسِيرَيَّ؟ فَقَالَ: لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا، فَقُلْتُ: هَلْ تَسْمَعُ يَا ابْنَ السَّوْدَاءِ؟ فَقَالَ: لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا، ثُمَّ -[92]- صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، رَأْسُ الْكُفْرِ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا، فَأَحَاطُوا بِنَا حَتَّى جَعَلُونَا فِي مِثْلِ الْمَسَكَةِ وَجَعَلْتُ أَذُبُّ عَنْهُمَا وَأَقُولُ: أَسِيرَيَّ، إِذْ خَلَفَ رَجُلٌ السَّيْفَ فَضَرَبَ رِجْلَيَّ أُمَيَّةَ، ضَرَبَهُمَا فَطَرَحَهُمَا، فَصَاحَ أُمَيَّةُ صَيْحَةً وَاللهِ مَا سَمِعْتُ صَيْحَةً مِثْلَهَا، فَقُلْتُ: انْجُ بِنَفْسِكَ، فَوَاللهِ مَا أُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا، وَلَا نَجَاءَ بِهِ، فَهَبَرُوهُمَا وَاللهِ بِأَسْيَافِهِمْ حَتَّى فَرَغُوا مِنْهُ، فَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: يَرْحَمُ اللهُ بِلَالًا ذَهَبَتْ أَدْرَاعِي، وَفَجَعَنِي بِأَسِيرِي "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015