وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَهَيَّأَ لِحَرْبِهِ، فَقَامَ فِيمَا أَمَرَهُ اللهُ بِهِ مِنْ جِهَادِ عَدُوِّهِ، وَقِتَالِ مَنْ أَمَرَهُ بِهِ مِمَّنْ يَلِيهِ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْهُ فَأَقَامَ بِهَا، يَعْنِي أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ خَرَجَ غَازِيًا حَتَّى نَزَلَ وَدَّانَ يُرِيدُ قُرَيْشًا وَبَنِي ضَمْرَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ وَهِيَ غَزْوَةُ الْأَبْوَاءِ، فَوَادَعَهُ فِيهَا بَنُو ضَمْرَةَ، وَكَانَ الَّذِي وَادَعَهُ مِنْهُمْ سَيِّدَهُمْ فِي زَمَانِهِ مَخْشِيَّ بْنَ عَمْرٍو، قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا، فَأَقَامَ بِهَا بَقِيَّةَ صَفَرٍ وَصَدْرًا مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَبَعَثَ فِي مُقَامِهِ ذَلِكَ عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ فِي سِتِّينَ رَاكِبًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَيْسَ فِيهِمْ مِنَ الْأَنْصَارِ أَحَدٌ، وَكَانَ أَوَّلَ لِوَاءٍ عَقَدَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي -[11]- مُقَامِهِ هَذَا حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى سِيفِ الْبَحْرِ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِيصِ فِي ثَلَاثِينَ رَاكِبًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَيْسَ فِيهِمْ مِنَ الْأَنْصَارِ أَحَدٌ، فَالْتَقَى عُبَيْدَةُ وَالْمُشْرِكُونَ فِي ثَنِيَّةِ الْمِرَّةِ عَلَى مَاءٍ يُقَالُ لَهُ أَحْيَاءٌ، وَكَانَتْ بَيْنَهُمُ الرِّمَايَةُ، وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: ثُمَّ انْحَازَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَانْحَازَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ قَالَ: وَخَرَجَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي ثَلَاثِينَ رَاكِبًا إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَلَقِيَهُمْ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ فِي ثَلَاثِمِائَةِ رَاكِبٍ، فَحَجَزَ بَيْنَهُمْ مَجْدِيُّ بْنُ عَمْرٍو الْجُهَنِيُّ، وَكَانَ حَلِيفًا لِلْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا، فَرَجَعَ حَمْزَةُ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي رَايَةِ عُبَيْدَةَ وَحَمْزَةَ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: كَانَتْ رَايَةُ حَمْزَةَ قَبْلَ رَايَةِ عُبَيْدَةَ، وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: رَايَةُ عُبَيْدَةَ قَبْلَ رَايَةِ حَمْزَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيَّعَهُمَا جَمِيعًا مَعًا، فَأَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ، قَالَ: ثُمَّ غَزَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ يُرِيدُ قُرَيْشًا حَتَّى بَلَغَ بُوَاطَ مِنْ نَاحِيَةِ رَضْوَى، ثُمَّ رَجَعَ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا، فَلَبِثَ بِهَا بَقِيَّةَ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ وَبَعْضَ جُمَادَى الْأُولَى، ثُمَّ غَزَا يُرِيدُ قُرَيْشًا فَسَلَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَقْبِ بَنِي دِينَارِ بْنِ النَّجَّارِ حَتَّى نَزَلَ الْعُشَيْرَةَ مِنْ بَطْنِ يَنْبُعَ، فَأَقَامَ بِهَا بَقِيَّةَ جُمَادَى -[12]- الْأُولَى وَلَيَالِيَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَوَادَعَ فِيهَا بَنِي مُدْلِجٍ وَحُلَفَاءَهُمْ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ "