أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: ائْتِنِي بِمَاءِ ثَلْجٍ. فَغَسَلَا بِهِ جَوْفِي ثُمَّ قَالَ: ائْتِنِي بِمَاءِ بَرَدٍ.
فَغَسَلَا بِهِ قَلْبِي. ثُمَّ قَالَ: ائْتِنِي بِالسَّكِينَةِ فَذَرَّاهَا فِي قَلْبِي. ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: حُصْهُ فَحَاصَهُ وَخَتَمَ عَلَيْهِ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ.
قَالَ أَبُو الْفَضْلِ: يَعْنِي يَحُصْهُ: يَخِيطُهُ، وَفِي رِوَايَةِ حَيْوَةَ: حُصْهُ [ (?) ] يَعْنِي خِطْهُ.
وَخَتَمَ عَلَيْهِ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ- فَقَالَ: أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اجْعَلْهُ فِي كِفَّةٍ وَاجْعَلْ أَلْفًا مِنْ أُمَّتِهِ فِي كِفَّةٍ. فَإِذَا أَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْأَلْفِ فَوْقِي أُشْفِقُ أن يحزّ عَلَيَّ بَعْضُهُمْ.
فَقَالَا: لَوْ أَنَّ أُمَّتَهُ وُزِنَتْ بِهِ لَمَالَ بِهِمْ. ثُمَّ انْطَلَقَا وَتَرَكَانِي. وَفَرِقْتُ فَرَقًا شَدِيدًا.
ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى أُمِّي، فَأَخْبَرْتُهَا بِالَّذِي لَقِيتُ، وَأَشْفَقَتْ أَنْ يَكُونَ قَدِ الْتُبِسَ بِي.
فَقَالَتْ أُعِيذُكَ بِاللهِ. فَرَحَّلَتْ بَعِيرًا لَهَا، فَجَعَلَنِي عَلَى الرَّحْلِ وَرَكِبَتْ خَلْفِي. حَتَّى بَلَغْنَا أُمِّي، فَقَالَتْ أَدَّيْتُ أَمَانَتِي وَذِمَّتِي. وَحَدَّثَتْهَا بِالَّذِي لَقِيتُ فَلَمْ يَرُعْهَا ذَلِكَ، وَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُ: خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قصور الشام [ (?) ] .