فخلّصن عَبَّاسٌ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَقَالَ: إِنَّكَ مَقْتُولٌ، إِنْ لَمْ تُسْلِمْ وَتَشْهَدْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَجَعَلَ يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ الَّذِي يَأْمُرُهُ بِهِ عَبَّاسٌ، فَلَا يَنْطَلِقُ بِهِ لِسَانُهُ، فَبَاتَ مَعَ عَبَّاسٍ.
وَأَمَّا حَكِيمُ بْنُ حزام، وبديل بْنُ وَرْقَاءَ فَدَخَلَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَا، وَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم يَسْتَخْبِرُهُمَا عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فما نُودِيَ بِالصَّلَاةِ صَلَاةِ الصُّبْحِ تَحَشْحَشَ الْقَوْمُ فَفَزِعَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا عَبَّاسُ! مَاذَا يُرِيدُونَ؟ فَقَالَ: هُمُ الْمُسْلِمُونَ سَمِعُوا النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ، فيسّروا بِحُضُورِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ بِهِ الْعَبَّاسُ فَلَمَّا أَبْصَرَهُمْ أَبُو سُفْيَانَ يَمُرُّونَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَأَبْصَرَهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ إِذَا سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم، قَالَ: يَا عَبَّاسُ مَا أَمَرَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا فَعَلُوهُ قَالَ لَهُ عَبَّاسٌ لَوْ نَهَاهُمْ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لَأَطَاعُوهُ، قَالَ: يَا عَبَّاسُ فَكَلِّمْهُ فِي قَوْمِكَ هَلْ عِنْدَهُ مِنْ عَفْوٍ عَنْهُمْ، فَانْطَلَقَ عَبَّاسٌ بِأَبِي سُفْيَانَ حَتَّى أَدْخَلَهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَبَّاسٌ يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا أَبُو سُفْيَانَ وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي قَدِ اسْتَنْصَرْتُ إِلَهِي وَاسْتَنْصَرْتَ إِلَهِكَ فو الله مَا لَقِيتُكَ مَرَّةً إِلَّا ظَهَرْتَ عَلَيَّ، فَلَوْ كَانَ إلهي محقا وإلهك مُبْطِلًا لَظَهَرْتُ عَلَيْكَ، فَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَقَالَ عَبَّاسٌ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْذَنَ لِي إِلَى قَوْمِكَ فَأُنْذِرَهُمْ وَأَدْعُوَهُمْ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، فَأَذِنَ لَهُ،
فَقَالَ عَبَّاسٌ كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ؟ بَيِّنْ لِي مِنْ ذَلِكَ أَمْنًا يَطْمَئِنُّونَ إِلَيْهِ، قَالَ، رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَقُولُ لَهُمْ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَشَهِدَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ وَكَفَّ يَدَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَوَضَعَ سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ قَالَ عَبَّاسٌ: يَا رَسُولَ اللهِ أَبُو سُفْيَانَ ابْنُ عَمِّنَا وَأُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ مَعِي وَقَدْ خَصَصْتَهُ بِمَعْرُوفٍ فَقَالَ: مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ وَدَارُ أَبِي سفيان بأعلا مَكَّةَ، وَقَالَ: مَنْ دَخَلَ دار حكيم ابن حِزَامٍ وَكَفَّ يَدَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَدَارُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ.
وَحَمَلَ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ عَبَّاسًا عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ الَّتِي كَانَ أَهْدَاهَا لَهُ دِحْيَةُ بْنُ