صلى الله عليه وسلم مَنْ عَجَّلَ مِنْهُمُ الصَّلَاةَ، وَمَنْ أَخَّرَهَا، فَذَكَرُوا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعَنِّفْ أَحَدًا مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ.
قَالَ: وَلَمَّا رَأَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَسُولَ الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلًا، تَلَقَّاهُ، وَقَالَ: ارْجِعْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ كَافِيكَ الْيَهُودَ، وَكَانَ عَلِيٌّ سَمِعَ مِنْهُمْ قَوْلًا سَيِّئًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَزْوَاجِهِ فَكَرِهَ عَلِيٌّ أَنْ يَسْمَعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِمَ تَأْمُرُنِي بِالرُّجُوعِ؟ فَكَتَمَهُ مَا سَمِعَ مِنْهُمْ، فَقَالَ: أَظُنُّكَ سَمِعْتَ لِيَ مِنْهُمْ أَذًى، فَامْضِ فَإِنَّ أَعْدَاءَ اللهِ لَوْ قَدْ رَأَوْنِي لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا مِمَّا سَمِعْتَ.
فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِصْنِهِمْ، وَكَانُوا فِي أَعْلَاهُ، نَادَى بأعلا صَوْتِهِ نَفَرًا مِنْ أَشْرَافِهَا، حَتَّى أَسْمَعَهُمْ فَقَالَ: أَجِيبُونَا يَا مَعْشَرَ يَهُودَ: يَا إِخْوَةَ الْقِرَدَةِ، قَدْ نَزَلَ بِكُمْ خِزْيُ اللهِ، فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَتَائِبِ الْمُسْلِمِينَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَرَدَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ حُيَيَّ بْنَ أَخْطَبَ، حَتَّى دَخَلَ حِصْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَقَذَفَ الله عز وجل في قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ وَاشْتَدَّ، عَلَيْهِمُ الْحِصَارُ، فَصَرَخُوا بِأَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ [ (?) ] وكانوا حُلَفَاءَ لِلْأَنْصَارِ. فَقَالَ أَبُو لُبَابَةَ: لَا آتِيهِمْ، حَتَّى يَأْذَنَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَدْ أَذِنْتُ لَكَ فَأَتَاهُمْ أَبُو لُبَابَةَ، فَبَكَوْا إِلَيْهِ وَقَالُوا:
يَا أَبَا لُبَابَةَ مَاذَا تَرَى؟ وَمَاذَا تَأْمُرُنَا؟ فَإِنَّهُ لَا طَاقَةَ لَنَا بِالْقِتَالِ، فَأَشَارَ أَبُو لُبَابَةَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ، وَأَمَرَّ عَلَيْهِ أَصَابِعَهُ يُرِيهِمْ، أَنَّمَا يُرَادُ بِكُمُ الْقَتْلُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَبُو لُبَابَةَ سُقِطَ فِي يَدِهِ، وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ، فَقَالَ: وَاللهِ لَا أَنْظُرُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أُحْدِثَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تَوْبَةً نَصُوحًا يَعْلَمُهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ نَفْسِي، فَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَرَبَطَ يَدَيْهِ إِلَى جِذْعٍ مِنْ جُذُوعِ الْمَسْجِدِ، فَزَعَمُوا أَنَّهُ ارْتَبَطَ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا ذُكِرَ حِينَ رَاثَ عليه أبو