كانت تتعاطى الكلام الفصيح والبلاغة والخطابة. فدلّ أن العجز عنه إنما كان لأن يصير علما على رسالته وصحّة نبوته. وهذا حجّة قاطعة، وبرهان واضح.

قلنا: وفي القرآن وجهان آخران من الإعجاز.

(أحدهما) : ما فيه من الخبر عن الغيب، وذلك فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:

لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [ (?) ] وقوله: لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ [ (?) ] وقوله في الروم: وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ [ (?) ] وغير ذلك من وعده إياه بالفتوح في زمانه وبعده، ثم كان كما أخبر. ومعلوم أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلّم كان لا يعلم النجوم ولا الكهانة ولا يجالس أهلها.

(والآخر) : ما فيه الخبر عن قصص الأولين من غير خلاف ادّعى عليه فيما وقع الخبر عنه مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ تلك الكتب. ومعلوم أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلّم كان أمّيا لا يقرأ كتابا ولا يخطّه. ولا يجالس أهل الكتب للأخذ عنهم. وحين زعم بعضهم أنما يعلمه بشر- ردّ الله ذلك عليهم فقال: لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ [ (?) ] فزعم أهل التفسير أنه كان لابن الحضرميّ غلامان نصرانيان يقرآن كتابا لهما بالرومية، وقيل بالعبرانية. فكان صلى الله عليه وسلم يأتيهما فيحدثهما ويعلّمهما، فقال المشركون: إنما يتعلّم محمد منهما، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هذه الآية [ (?) ] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015