رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتِيبَةً غَلِيظَةً يُقَاتِلُونَهُمْ يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ صَلَاةُ الْعَصْرِ دَنَتِ الْكَتِيبَةُ، فَلَمْ يقدر النبي صلى اللَّه عليه وسلم وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ أَنْ يُصَلُّوا الصَّلَاةَ عَلَى نَحْوِ مَا أَرَادُوا فَانْكَفَأَتِ الْكَتِيبَةُ مَعَ اللَّيْلِ، فَزَعَمُوا
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللهُ بُطُونَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا» [ (?) ] .
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ فُلَيْحٍ: بُطُونَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، فَلَمَّا اشْتَدَّ الْبَلَاءُ عَلَى النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ نَافَقَ نَاسٌ كَثِيرٌ وَتَكَلَّمُوا بِكَلَامٍ قَبِيحٍ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِيهِ النَّاسُ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْكَرْبِ، جَعَلَ يُبَشِّرُهُمْ وَيَقُولُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُفْرَجَنَّ عَنْكُمْ مَا تَرَوْنَ مِنَ الشِّدَّةِ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ آمِنًا، وَأَنْ يَدْفَعُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيَّ مَفَاتِيحَ الْكَعْبَةِ، وَلَيُهْلِكَنَّ اللهُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ وِلَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وجل.
وقال رَجُلٌ مِمَّنْ مَعَهُ لِأَصْحَابِهِ: أَلَا تَعْجَبُونَ مِنْ مُحَمَّدٍ يَعِدُنَا أَنْ نَطُوفَ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَأَنْ نَقْسِمَ كُنُوزَ فَارِسَ وَالرُّومِ وَنَحْنُ هَاهُنَا لَا يَأْمَنُ أَحَدُنَا أَنْ يَذْهَبَ الْغَائِطَ، وَاللهِ لَمَا يَعِدُنَا إِلَّا غُرُورًا.
وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ مَعَهُ: ائْذَنْ لَنَا فَإِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ.
وَقَالَ آخَرُونَ: يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فارجعوا.