قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي وَالِدِي إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، قَالُوا: كَانَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ أَعْرَجَ شَدِيدَ الْعَرَجِ، وَكَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ بَنُونَ شَبَابٌ يَغْزُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا، فَلَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى أُحُدٍ، قَالَ لَهُ بَنُوهُ: إِنَّ اللَّه- عز وجل- جَعَلَ لَكَ رُخْصَةً فَلَوْ قَعَدْتَ فَنَحْنُ نَكْفِيكَ فَقَدْ وَضَعَ اللَّه عَنْكَ الْجِهَادَ، فَأَتَى عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّه! إِنَّ بَنِيَّ هَؤُلَاءِ يَمْنَعُونَنِي أَنْ أخرج معك، وو اللَّه إِنِّي لَأَرْجُو أَنَ أُسْتَشْهَدَ مَعَكَ فَأَطَأُ بِعَرْجَتِي هَذِهِ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ وَضَعَ اللَّه عَنْكَ الْجِهَادَ» ، وَقَالَ لِبَنِيهِ: «وَمَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَدَعُوهُ لَعَلَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَرْزُقُهُ الشَّهَادَةَ» ، فَخَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا [ (?) ] .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الْتَقَى هُوَ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَلَمَّا اسْتَعْلَاهُ حَنْظَلَةُ رَآهُ شَدَّادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ شَعُوبَ قَدْ عَلَا أَبَا سُفْيَانَ فَضَرَبَهُ شَدَّادٌ فَقَتَلَهُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ صَاحِبَكُمْ لَتُغَسِّلُهُ الْمَلَائِكَةُ يَعْنِي حَنْظَلَةَ، فَسَلُوا أَهْلَهُ: مَا شَأْنُهُ؟
فَسُئِلَتْ صَاحِبَتُهُ، فَقَالَتْ: خَرَجَ وَهُوَ جُنُبٌ حِينَ سَمِعَ الْهَائِعَةَ [ (?) ] فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ الملائكة [ (?) ] .