وَالْقَدَرُ، وَعَامَّةُ مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِالْخُرُوجِ رِجَالٌ لَمْ يَشْهَدُوا بَدْرًا، قَدْ عَلِمُوا الَّذِي سَبَقَ لِأَصْحَابِ بَدْرٍ مِنَ الْفَضِيلَةِ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ وَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِالْجَدِّ وَالْجِهَادِ، ثُمَّ انْصَرَفَ مِنْ خُطْبَتِهِ وَصَلَاتِهِ، فَدَعَا بِاللَّأْمَةِ فَلَبِسَهَا، ثُمَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْخُرُوجِ.

فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رِجَالٌ مِنْ ذَوِي الرَّأْيِ قَالُوا: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ أَنْ نَمْكُثَ بِالْمَدِينَةِ، فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْنَا الْعَدُوُّ قَاتَلْنَاهُمْ فِي الْأَزِقَّةِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِاللهِ وَمَا يُرِيدُ وَيَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنَ السَّمَاءِ، ثُمَّ أَشْخَصْنَاهُ، يَا نَبِيَّ اللَّه امْكُثْ كَمَا أَمَرْتَنَا،

قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ إِذَا أَخَذَ لَأْمَةَ الْحَرْبِ وَآذَنَ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْعَدُوِّ أَنْ يَرْجِعَ حَتَّى يُقَاتِلَ، وَقَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَأَبَيْتُمْ إِلَّا الْخُرُوجَ، فَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّه وَالصَّبْرِ عِنْدَ الْبَأْسِ إِذَا لَقِيتُمُ الْعَدُوَّ انْظُرُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوهُ،

فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ فَسَلَكُوا عَلَى الْبَدَائِعِ وَهُمْ أَلْفُ رَجُلٍ وَالْمُشْرِكُونَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، فَمَضَى رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلَ بِأُحُدٍ، وَرَجَعَ عَنْهُ: عَبْدُ اللَّه بْنُ أبي بن سَلُولَ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ فَبَقِيَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وسلم في سبع مائة، فَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ:

إِنَّا بِهَذَا الْجِذْعِ لَوْ كَانَ أَهْلُهُ ... سِوَانَا لَقَدْ سَارُوا بِلَيْلٍ فَأَقْشَعُوا [ (?) ]

جِلَادٌ عَلَى رَيْبِ الْحَوَادِثِ لَا تَرَى ... عَلَى هَالِكٍ عَيْنًا لَنَا الدهر تدمع [ (?) ]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015