لما أرسل الله نبيَّه وكلمته المسيحَ عليه السلام، آتاه من الآيات ما يقيم به الحجة على بني إسرائيل، ومن ذلك إبراء الله الأكمه والأبرص على يديه {وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيراً بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني} (المائدة: 110)، فكان برهاناً ساطعاً ودليلاً قاطعاً عند قومه على نبوته - صلى الله عليه وسلم -.
وكذلك أيد الله خاتم أنبيائه وعظيم رسله بمثل هذا الدليل والبرهان، حين شفى على يديه بعضاً من أصحابه.
من ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - قال يوم خيبر: ((لأعطين هذه الراية رجلاً يفتح الله على يديه، يحبُ اللهَ ورسولَه، ويحبُه اللهُ ورسولُه))، قال: فبات الناس يدوكون [أي يتحدثون] ليلتهم أيهم يعطاها، قال: فلما أصبح الناس غَدوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلهم يرجوا أن يُعطاها.
فقال عليه الصلاة والسلام: ((أين عليُ بنُ أبي طالب؟)) فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، فقال: ((فأرسلوا إليه))، فأُتي به - رضي الله عنه -، فبصق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عينيه، ودعا له فبرأ، حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية. (?)
وفي رواية لابن ماجه أنه - صلى الله عليه وسلم - تفل في عينيه وقال: ((اللهم أذهب عنه الحر والبرد)). قال علي: فما وجدتُ حراً ولا برداً بعد يومِئذ، وكان أصحابه ربما رأوه يلبس ثياب الصيف في الشتاء، وثياب الشتاء في الصيف. (?)
قال الشوكاني: "فيه معجزة ظاهرة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ". (?)
وقبل أن يغادر النبي - صلى الله عليه وسلم - أرض خيبر حقق آية أخرى تدل على نبوته ورسالته، فقد شفى الله بنفثه ساق سلمة بن الأكوع الذي أصيب في الغزوة، يقول يزيد بن أبي عُبيد: رأيت أثرَ ضربةٍ في ساق سلمة، فقلت: يا أبا مسلم، ما هذه الضربة؟ فقال: هذه ضربة