أو في تكذيب مدّع كقوله عز وجل: وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ [المائدة: 61]، وذلك أن قولهم: «آمنا»، دعوى منهم أنهم لم يخرجوا بالكفر كما دخلوا به، فالموضع موضع تكذيب.
أو فيما القياس في مثله أن لا يكون، كقوله تعالى: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ [الفرقان: 3]، وذلك أن عبادتهم لها تقتضي أن لا تكون مخلوقة.
وكذلك في كل شيء كان خبرا على خلاف العادة، وعمّا يستغرب من الأمر نحو أن تقول: «ألا تعجب من فلان؟ يدّعي العظيم، وهو يعيا باليسير، ويزعم أنه شجاع، وهو يفزع من أدنى شيء».
ومما يحسن ذلك فيه ويكثر، الوعد والضّمان، كقول الرجل: «أنا أعطيك، أنا أكفيك، أنا أقوم بهذا الأمر»، وذلك أنّ من شأن من تعده وتضمن له، أن يعترضه الشكّ في تمام الوعد وفي الوفاء به، فهو من أحوج شيء إلى التأكيد.
وكذلك يكثر في المدح، كقولك: «أنت تعطي الجزيل، أنت تقري في المحل، أنت تجود حين لا يجود أحد»، وكما قال: [من الكامل]
ولأنت تفري ما خلقت وبع ... ض القوم يخلق ثمّ لا يفري (?)
وكقول الآخر: [من الرمل] نحن في المشتاة ندعو الجفلى (?) وذلك أنّ من شأن المادح أن يمنع السامعين من الشكّ فيما يمدح به، ويباعدهم من الشبهة، وكذلك المفتخر.